الهيمنة التنويمية أم فقدان السيطرة؟
الهيمنة التنويمية أم فقدان السيطرة؟
يبدو الوقت مناسبًا الآن لفهم ظاهرة التنويم وعلاقتها بالجريمة، التنويم ببساطة شكل من أشكال الفصام، كل شخص يحتوي على ذِهنين أو عقلين، أحدهما موضوعي يتعامل مع الجانب العملي من الحياة ويتوافق مع المشكلات الخارجية، والآخر ذاتي يتوافق مع المشكلات الداخلية، وما يحدث في أثناء التنويم هو الحصار داخل العقل الذاتي وإغلاق العقل الموضوعي ومن ثم فقد الصلة بالواقع، ويمكن القول إن برادي حين مارس هيمنته التنويمية على مايرا كان منوَّمًا هو الآخر، لقد كان بشكل ما محاصرًا داخل عالم غير واقعي، وكانت جرائمه هي الصيحة التي تنهي شروده وتعيده إلى الواقع، وهذا يقوض نظرية عالم الاجتماع “دوركايم | Durkheim” الذي رأى أن القيم المجتمعية تخلق إحساسًا بالواقع مما يشكل كابحًا للجريمة، فالإحساس بالواقع يمكن أن ينهار بسهولة، لذلك يجب البحث على المستويين الاجتماعي والنفسي للمجرم لفهم أنماط الجريمة.
اكتشف العلماء وجود نسبة قليلة من العنف بين مجموعات الحيوانات التي تعيش في البرية، وأن تلك النسبة تزداد حينما تتعرض الحيوانات للأسر ويتحتم عليها التعامل مع ظروف جديدة من نقص الطعام وضيق المساحة، حينها طُرحت وجهة نظر تفسر العنف المتزايد لدى البشر بأن سببه هو اضطرارهم إلى العيش في المدن التي فرضت ازدحامًا دفعهم إلى الاستيلاء على مناطق الغير للحصول على الطعام والمأوى، ومن هنا بدأت الحروب، لكن تلك النظرية عجزت عن تقديم تفسير للمدن المكتظة مثل هونج كونج التي لا تمثل مستودعًا للعنف، وذلك لأن البشر لديهم آلية طاقة تعمل من خلال قوة التوتر وقوة السيطرة على الذات المضادة لها، تعمل قوة التوتر على تشتت عالمنا الداخلي بينما تعمل قوة السيطرة على الثبات وكبح الانفعال، فإن كانت معيشة المدن قد سببت زيادة قوى التوتر فإنها سببت أيضًا زيادة قوى السيطرة واستطاع البشر التكيف مع المعيشة في المدن، أما المجرم فلا يبذل جهدًا إضافيًّا للسيطرة، فيلجأ إلى تسريب توتره عن طريق اختصار الطرق للحصول على رغباته، فالجريمة بشكل أساسي ليست إلا بحثًا عن الطريق الأسهل .
الفكرة من كتاب التاريخ الإجرامي للجنس البشري: سيكولوجية العنف البشري
اغتصب الجنود اليابانيون ما يزيد على عشرين ألف أنثى في مدينة نانكنج الصينية، وانتزعوا أحشاءهن بعد الاغتصاب، كما استعملوا صبية المدارس أهدافًا حية للتدريب على القتل بسناكي البنادق، وفي الجانب الآخر من العالم دخل الألمان قرية أورادور الفرنسية، فجمعوا نساء القرية وأطفالها في الكنيسة قبل أن يضرموا فيها النيران ويحرقوهم أحياءً، ومَن حاول من الأطفال الفرار من ألسنة اللهب أمسك بهم الجنود وألقوا بهم في الكنيسة المشتعلة. وبعد تلك الحادثة ببضعة عقود، وافق المقاومون الفلسطينيون على ترحيلهم من بيروت تحت وطأة الحصار، وتركوا نساءهم وأطفالهم بمعسكري صبرا وشاتيلا للاجئين، فقامت عناصر مسلحة تحت حماية قوات الاحتلال بمذبحة تركت ندبًا عميقة في جسد التاريخ.
على مدى قرون، تفرد الإنسان بوحشية مفرطة وبكونه الكائن الوحيد الذي يتلذذ بتعذيب بني جنسه.
وهذا كتاب يغوص في أعماق الجريمة، لدرجة قد تجعل القارئ يقرر في بعض صفحاته ألا يكمله من هول ما يقرأ، لكن الواقع أليم والمجرمين كثر وفي تزايد، لذلك يعد الكتاب مصدرًا مهمًّا لفهم عقلية المجرم، عسى أن نمنع الشر أو على الأقل.. نُحجمه.
مؤلف كتاب التاريخ الإجرامي للجنس البشري: سيكولوجية العنف البشري
كولن ولسن: كاتب إنجليزي ولد في ليستر بإنجلترا، ترك المدرسة في سن السادسة عشرة ليساعد والده، نشر كتابه الأول “اللامنتمي” وهو في سن الخامسة والعشرين، وله عدة مؤلفات منها
أصول الدافع الجنسي.
فكرة الزمان عبر التاريخ.
المعقول واللامعقول في الأدب الحديث.
معلومات عن المترجم:
د. رفعت السيد علي: ترجم عدة أعمال منها:
الطريق إلى مكة.
مقدمة قصيرة عن الحرب العالمية الأولى.