الهيكل الحضاري برؤية إسلامية
الهيكل الحضاري برؤية إسلامية
يعد الطموح في استعادة دورنا الحضاري كمسلمين حاجة ملحَّة تكبِّلها حيثيات الواقع ومجرياته، ولا يمكن للأمة أن تستعيد دورها الحضاري إلا بتحقُّق الشروط واجتماع المقومات التي اجتمعت في الأولين وإعادة تشكيل عقولهم اليوم على نفس الأسس والمعايير التي شكَّلت بها عقول السابقين.
وهذا لا يتأتَّى وحيدًا إنما يقع ضمن خطوات كثيرة مترابطة تبدأ بالعودة إلى الجذور ومبادئ الإسلام، وإعادة دراسة وطرح الرؤية الإسلامية للهيكلة الحضارية التي تضخ رؤاها في ثلاثة مسارات متوازية من (الأرضية والإنسان وبرنامج العمل).
أراد الله (سبحانه وتعالى) لهذا الكون، ولهذه الأرض أن تكون مهيَّئة معدَّة على شكل مخصوص لاستقبال الإنسان واستخلافه فيها واستثمار قدارته الكامنة؛ فأوجدها سبحانه على نحو يناسب عملية التسخير المتكافئة تتحدى الإنسان في النقطة الوسط ما بين الاستجابة والعمل أو العدول والكسل؛ ثم هبط الإنسان عليها ليشكِّل حدًّا آخر من حدود هذا الهيكل، وليصبح محور القصة وحجرها الأساس، فأتى محملًا مع تكاليف استخلافه الملزمة بحزمة من المنح والعطايا التي تمكنه من التعلم والفعل والاستيعاب ما يضمن له وضوح الرؤية والاستمرارية، ونائيًا به عن منزلقات الغموض والتفكُّك واضعًا إياه في محور الغايات وأصل الحضارات
ليأتي من بعد ذلك دور المسار الثالث لهذا الهيكل يناظر طرفي المعادلة ويحدِّد سبل العمل والإبداع وفق مخطَّط رسم بعناية ينطلق من المواقف الكلية التي تبدأ بالتلقي عن الله إلى الجزئيات التي تنتهي بالتوجه إليه عند كل حركة.
الفكرة من كتاب أصول تشكيل العقل المسلم
جاء هذا الدين الجديد حاملًا معه لواء التغيير للتصوُّرات والمعتقدات والمنهجيات وآليات العمل، يتقابل فيها علم الله اللامحدود مع العقل البشري وإمكاناته المحدودة، موضحًا كيف يمكن للعقل الإنساني هضم هذه التصوُّرات وتشرُّبها لتتفتَّح أمامه فيما بعد مساحات من الآفاق الواسعة التي تدفعه بدورها إلى مقدمة التاريخ مشاركًا وفعالًا يقفز عبر الزمان والمكان متجاوزًا حدود المنطق في توافق وانسياب مع سنن الكون ونواميسه ضمن عملية تبادلية فائقة التناظر من الأخذ والعطاء تسير في مساقات واحدة وتصبو نحو تحقيق هدف واحد.
مؤلف كتاب أصول تشكيل العقل المسلم
الدكتور عماد الدين خليل الطائي، ولد في الموصل عام 1941م، وهو أديب ومؤرخ عراقي الأصل وحاصل على إجازة في الآداب من جامعة بغداد عام 1962م، وماجستير في التاريخ الإسلامي عام 1968م ودكتوراه في التاريخ الإسلامي، وله مؤلفات كثيرة في التاريخ والأدب والمسرح والشعر والفنون والدراسات النقدية.
وله نشاطات علمية عديدة، إذ عمل مشرفًا على المكتبة المركزية في جامعة الموصل عام 1986م، وشغل منصب العميد في الجامعة لأعوام، واشتغل مديرًا لقسم التراث ومكتبة المتحف الحضاري في المؤسسة العامة للآثار والتراث في الموصل (1977/ 1978)م، وعمل أستاذًا للتاريخ الإسلامي ومناهج البحث وفلسفة التاريخ في كلية آداب جامعة صلاح الدين في أربيل (1987/ 1992)م، ثم في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي (2000/ 2002)م.
من مؤلفاته: “مدخل إلى الحضارة الإسلامية”، و”مدخل إلى التاريخ الإسلامي”، و”أشهد أن لا إله إلا الله (سيرة ذاتية)”، و”الغايات المستهدفة للأدب الإسلامي: محاولات في التنظير والدراسة الأدبية”.