الهرمونات مفتاح الاختلاف
الهرمونات مفتاح الاختلاف
الرجل والمرأة وإن كان يميل أحدهما إلى الآخر بشكل فطري، ويستمتعان ببعضهما بعضًا، فهناك اختلاف في تركيب الشهوة الجنسية في كل منهما، فشهوة الرجل جامحة وجريئة، فيكون هو الذي يبحث عن المرأة، ويميل إلى الاندفاع، بينما المرأة هي التي تجذب الرجل وتميل إلى الاستسلام، أو كما يقول الكاتب: “فالرجل هو الإبرة التي ترتمي بحمية تجاه المغناطيس، والمرأة وإن كان ظاهرها السكون، فهي تلعب دور المغناطيس الجاذب في الخفاء”، بيد أن المرأة تختلف عن الرجل في أنها لا تشبعها من الاتصال اللذة وحدها، بل تنشد المحبة والاهتمام والقرب، وفي فترات كالحمل تفتر شهوتها، وعدم تفهم الرجل ذلك وانشغاله بقضاء شهوته وحسب، يحدث فجوة بينهما وألمًا للمرأة.
والاختلافات الجسدية بين الرجل والمرأة منبعها عميق، فكل خلية في الأنثى تختلف عنها في الرجل، وكل عضو، وحتى الجهاز العصبي يختلف في المرأة عن الرجل، ومفتاح كل تلك الاختلافات هو في الهرمونات التي تتدخل في كل وجوه النشاط الإنساني، ليس من ناحية الجنس وحسب، ولكن حتى في الخوف والشجاعة والسلوك الشخصي عامة، بل وتؤثر في الدماغ وفي بنية الخلايا الدماغية والوظائف الذهنية أيضًا، فنجد مثلًا أن النساء يتميزن بالحدس القوي، بينما الرجال يتميزون بالمنطق.
ولا شك أن عوامل التربية والبيئة تؤثر في تعزيز الذكورة والأنوثة، ولكن جزءًا كبيرًا منها يرتبط بالهرمونات بصرف النظر عن البيئة، فالذكور في كل الأجناس وليس البشر فقط أشد خشونة، ويرجع ذلك إلى هرمون التستوستيرون، وفي تجربة أجراها عدد من العلماء عام 1959 على أجنة خنازير مؤنثة حُقنت بهرمون الذكورة، فنمت لها أعضاء ذكرية إلى جانب المبيض، وبعد ولادتها استُؤصلت أرحامها وحقنت بمزيد من الهرمون، فسلكت سلوكًا ذكوريًّا حتى إنها تزاوجت مع إناث القطيع، ومثل ذلك التأثير نشهده في البشر عند حدوث خلل هرموني، فالهرمون يؤهل الكائن الحي لدوره الاجتماعي بشكل طبيعي.
الفكرة من كتاب وليس الذكر كالأنثى
يقول الله تعالى في كتابه على لسان امرأة عمران: “وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ”، فما أوجه الاختلاف إذًا؟ وما الحكمة منها؟ وما مدى توافق تلك الفكرة مع الأبحاث العلمية والدراسات النفسية الحديثة؟
عن تلك الأسئلة يجيب الدكتور الخشت متناولًا في طرحه الجانب الفسيولوجي والنفسي والعقلي للرجل والمرأة في العلوم الحديثة، مؤكدًا أن غرض الدراسة ليس المفاضلة بين الجنسين بأي حال من الأحوال، وإنما بيان حال وجمع دلائل الآية الكريمة، فقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة من حيث القيمة، وفي ما يتصل بالإنسان من حيث كونه إنسانًا، ثم فرق بينهما في نواحٍ أخرى باختلاف تكوين كل منهما ووظائفه التي أعده الله لها، بما يعلم أنها الأصلح له وللأسرة وللمجتمع ككل، فجعل اختلافهما ليكمل كل منهما صاحبه ويسكن إليه، فينطلقا معًا لمراد الله فيهما على الأرض.
مؤلف كتاب وليس الذكر كالأنثى
محمد عثمان الخشت: كاتب ومفكر وأستاذ جامعي مصري، يشغل منصب رئيس جامعة القاهرة منذ عام 2017، حاصل على الدكتوراه في فلسفة الأديان من جامعة القاهرة، تولى عددًا من المناصب القيادية في نفس الجامعة، منها أنه كان مستشارًا ثقافيًّا فيها، كما كان المُؤسس والمُشرف على مشروع جامعة القاهرة للترجمة، وشغل الخشت منصب المُستشار الثقافي المصري لدى المملكة العربية السعودية، صنفه كرسي اليونسكو للفلسفة ضمن الفلاسفة العرب المعاصرين.
له عدد كبير من المؤلفات في الأديان المُقارنة وفلسفة الدين والفلسفة الحديثة والمُعاصرة، وفي البحوث العلمية وفي السياسة والاجتماع والعلوم الشرعية، وكُتِبت لبحث منهجه ومشروعه الفكري عديد من المؤلفات من كتاب معاصرين.
من مؤلفاته:
مدخل إلى فلسفة الدين.
نحو تأسيس عصر ديني جديد.
المرأة المثالية في أعين الرجال.
مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي: واستراتيجيات إقامة الدولة الفلسطينية.