الهجرة من الجنوب إلى الشمال
الهجرة من الجنوب إلى الشمال
يصارع العمّال في الدول الفقيرة في جنوب العالم من أجل الحصول على تأشيرة عمل للهجرة إلى الدول الحديثة في الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية، لأن الهجرة أصبحت نتيجة حتمية للفقر العالمي وسلطة الدول الرأسمالية وأصحاب الأعمال الرأسماليين، وينظر إليها الملايين في إفريقيا وجنوب العالم على أنها وسيلة للبقاء وتحسين سبل المعيشة، ورغم أن هجرة العمالة ضرورية لانخفاض أعداد المواليد في الغرب، فإن الغرب يرى أنها تمثل له أزمة وتشكل خطرًا عليه، لذلك تتصاعد صافرات الإنذار التي تدعو إلى إبعاد الفقراء عن دخول أوروبا وأمريكا الشمالية، فدفع الخوف من الفقراء دول الشمال إلى أن تنفق 17 مليار دولار في محاولة منها لوقف الهجرة، والعجيب أن هذا المبلغ يمثل ثلثي ما قدمته هذه الدول من مساعدات تنموية لدول الجنوب!
إن استمرار هجرة العمالة من جنوب العالم إلى شماله، راجعة إلى الفكرة التي طرحها “ماركس”، وهي أن مستويات الأجور لا يجب أن تقل عن تكلفة إعادة الإنتاج وإعاشة الطبقة العاملة، لذلك حاول الرأسماليون بكل جِد أن يهدموا هذه المقولة أو يهربوا
منها، فتبنوا استراتيجية مفادها أن تقوم المجتمعات غير الرأسمالية بدفع تكلفة إعادة إنتاج العمالة للقيام بالعمل المطلوب من الرأسماليين، ونتج عن ذلك أن أصحاب الأعمال والشركات أصبحوا يدفعون للعمال المهاجرين أقل من تكلفة الإعاشة، وبناءً على ذلك، تُعد هجرة العمالة بمختلف أشكالها سببًا ونتيجة للتنمية الرأسمالية اللا متكافئة.
وبالنظر إلى التاريخ نجد أن هناك ثلاث فترات كبرى من هجرة العمالة، الفترة الأولى عصر الاستكشاف من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر، فشكلت هذه الفترة سوقًا عالمية للعمالة، شملت ما لا يقل عن مليوني مهاجر أوروبي و12 مليون عبد إفريقي تم نقلهم للعمل بالسخرة في المستعمرات، والفترة الثانية من منتصف القرن التاسع عشر وحتى أوائل القرن العشرين، وشملت هذه الفترة هجرة المستوطنين البيض وأكثر من 40 مليون عامل صيني وهندي قادمين من آسيا للعمل بالسخرة، وكانت هذه الفترة حلقة الوصل بين العبودية وهجرة العمالة في أيامنا الحالية، والفترة الثالثة هي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وانتشرت فيها الهجرة من الجنوب إلى الشمال الرأسمالي، بسبب الحاجة إلى إعادة البناء بعد الحرب، لتبدأ دورات جديدة من التراكم الرأسمالي، وبناءً على ذلك لعبت العبودية وعقود العمل الإلزامية المجحفة، وعلاقات العمل المأجور دورًا مركزيًّا في نمو الرأسمالية اللا متكافئة وتطورها، ومن ثمَّ كانت أسبابًا ونتائج في الوقت نفسه لعملية تسليع العمل.
الفكرة من كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
يستعرض الكتاب أسباب الفقر والجوع في جنوب العالم رغم وجود غذاء كافٍ لمنعهما، ويُبين أن الجوع والمجاعات وانعدام الأمن الغذائي والفقر جزء أساسي من الرأسمالية الحديثة والليبرالية الجديدة، ومن ثمَّ من المستحيل القضاء عليهم تحت مظلة الرأسمالية، كما يوضح أن جهود تخفيف عبء الديون التي تثقل الدول الفقيرة والنامية ومبادرات التنمية، لن تغيِّر من هيكل الاقتصاد العالمي، ولن تقلل الفقر بسبب الخصخصة وتحرير التجارة وإصلاح الأسواق، ويكشف ذلك من خلال استعراض أحوال دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودول إفريقيا جنوب الصحراء.
مؤلف كتاب الفقر والليبرالية الجديدة.. الاستمرارية وإعادة الإنتاج في جنوب العالم
راي بوش: هو أستاذ الدراسات الإفريقية في كلية السياسة والدراسات الدولية في جامعة ليدز، وعضو في المجلس الاستشاري لمركز الدراسات الإفريقية بجامعة ليدز، ونائب رئيس مراجعة الاقتصاد السياسي الإفريقي، حصل على درجة الدكتوراه في العامل الاستعماري والتحول الاجتماعي من جامعة ليدز، له عدّة مقالات، ومن كتبه:
Marginality and Exclusion in Egypt.
Counter-revolution in Egypt’s countryside: land and farmers in the era of economic reform.
Economic Crisis and the Politics of Reform in Egypt.
معلومات عن المترجمين:
إلهام عيداروس: هي كاتبة ومترجمة مصرية، حاصلة على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وماجستير القانون الدولي لحقوق الإنسان من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، من ترجماتها:
النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود.
لغة مقدسة وبشر عاديون.
وليد سليم: هو مترجم مصري، حاصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ، له عدد من الأعمال المترجمة، منها:
مراسلات جورج أورويل.
وول ستريت: الإرهاب الحقيقي.
كيف صنع المسلمون أوروبا.