الهجرة غير الشرعية
الهجرة غير الشرعية
من القضايا التي مورس عليها شتى أساليب تزييف الوعي في وسائل الإعلام قضية الهجرة غير الشرعية، فتم تهميشها وإزاحتها من بؤرة الاهتمام، وعدم ربطها بأسبابها الحقيقية أو تناولها بشكل جاد، رغم أن الإحصائيات تشير بوضوح إلى المرحلة الخطرة التي وصلنا إليها.
وتقف خلف تلك الإحصائيات أسباب متعدِّدة تدفع شباب الدول العربية والأفريقية إلى الهروب ناحية دول الشمال إلى أوروبا، منها بالتأكيد سوء أحوال المعيشة وانعدام الفرص المتاحة للارتقاء الاجتماعي، وما أثار رعب تلك الدول بعد ازدياد أحداث العنف والتفجيرات، دفعها إلى اتخاذ إجراءات وصياغة قوانين أكثر صرامة.
تنقسم الهجرة إلى داخلية وخارجية حسب نطاق حدود البلاد، وهي الانتقال من مكان إلى آخر جديد بهدف الاستقرار سواء كان الدائم أو المؤقَّت، وقد تكون هربًا من ظروف صعبة مثل الحروب والمجاعات والأوبئة، أو بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل، ونلاحظ عبر التاريخ أن الإنسان يمارس الهجرة دائمًا، فكيف أصبحت الهجرة غير شرعية؟
يحكم على الهجرة بأنها غير شرعية إذا خالفت النظام القانوني للبلاد، سواء كانت في طريقة دخولها أو الإقامة فيها أو العمل بها، ونتيجة للعولمة في النظام الرأسمالي، امتدَّت شركات عابرة للقارات تفرض سيطرتها على مساحات بعيدة، للبحث عن عمالة رخيصة ماهرة ومواد خام أقل تكلفة من بلادهم، فأصبح التصنيع يقع في مكان والتجميع في آخر والبيع في ثالث، مما عزَّز الفوارق الاقتصادية بين المجتمعات، وراكم الثروات ورؤوس الأموال لدى الشركات العملاقة.
الفكرة من كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًّا جدًّا في تشكيل الوعي، إن لم يكن دورها هو الأكبر، وبطبيعة الحال فإن تلك الوسائل هي كيانات لها مصالحها وأهدافها وقوى اقتصادية وسياسية محركة لها، ولذلك فإن الدور الذي تلعبه مشروط بمصالح تلك القوى، فهل يشكِّل الإعلام وعيًا حقيقيًّا بالمشكلات الاجتماعية أم يزيِّفها؟
هذا هو السؤال المحوري الذي لا نستطيع الإجابة عنه حتى نقارن بين الصور التي تنقلها وسائل الإعلام والواقع، هل تضخِّم المشكلة أم تضعها في حجمها الصحيح؟ هل تتناولها من الأساس أم تهمِّشها وتتجاهلها؟ تشير بأصابع الاتهام حول الأسباب الحقيقية أم تدير وجهها إلى ناحية أخرى؟ تطرح حلولًا واقعية ممكنة التنفيذ أم مجرد ديباجات؟ في كتابنا سنتناول أربع قضايا هي: الهجرة غير الشرعية، وتجارة الأعضاء البشرية، والعدالة الاجتماعية، وثورتا مصر، ونرى كيف تعاملت وسائل الإعلام معهم.
مؤلف كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
محمد سيد أحمد: مصري الجنسية حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع السياسي، له العديد من المؤلفات في علم الاجتماع، أشهرها:
الخطاب السياسي للطبقة الوسطى المصرية.
مجتمعات آيلة للسقوط.