النوم مستقبلًا
النوم مستقبلًا
كثيرًا ما يكون الجهل أحد أسباب السعادة، وكذلك فقدان الوعي، فاعتراف الناس في المستقبل القريب أن النوم وظيفة من وظائف الجسم اللازمة، كالتنفس والأكل والشرب، لهو أمر مهم للغاية. وسيرون قريبًا أن النوم من موضوعات الصحة التي يُشرع لها كالتشريع للطعام والشراب، حينها لن يجادل أي إنسان أحقية الأطفال جميعًا باختلاف طبقاتهم بالتمتع براحتهم كاملة، في تقريرهم السنوي الخامس يقول أطباء معهد سانت أندرو St. Andrew: “إن بعض الأطفال الذين ينشؤون في بيئة مضطربة صاخبة لا ينمون نُمُوًّا حسنًا على الرغم مما يُبذل في تنظيم غذائهم من العناية الفائقة، فإذا نُقل هؤلاء الأطفال إلى أوساط هادئة مريحة ظهر التحسن في صحتهم على الفور”، ففي مدن المستقبل التي لا يتخيَّلها العقل سينتشر إزعاج الأطفال من نومهم، وسيكون الأرق من الظواهر الصحية الخطيرة التي تستوجب العناية، كالربو وسوء الهضم، وسيعترف الناس بأن من حق كل شخص قضاء ثماني ساعات في نوم هادئ مريح كل ليلة، ليتحول النوم إلى حق مقدس، فهو ليس ميزة يختص بها البعض، وإنما ضرورة جسمية للجميع، فتجد النوم يتغلَّب على الإنسان رغم كل شيء، فيهزأ بالتقاليد غير آبه بأوامر أو غيرها، والمدن المستقبلية ستكون مصمَّمة بشكل علمي لتكون المستشفيات ودور التمريض متجاورة ليمكن وقايتها من الجلبة، وسيُراعَى تمكُّن المرضى من النوم حين يشاؤون، وتمكُّن الممرضات اللائي يعملن ليلًا من النوم بهدوء خلال النهار، وستكون مصمَّمة بشكل يجعل حجرات النوم تطل على أماكن هادئة، ولا شك أنه سيتم وضع قوانين للنوم مستقبلًا، تضمن حق كل فرد بأن ينعم بنوم هادئ، ووزارات الصحة بدورها ستعترف بما للنوم من أثر كبير في الصحة العامة، وفي معامل الصحة بالمستقبل سنجد الرجال والنساء يبحثون في النوم من الجهتين الجسمية والنفسية، وعن طبيعة السموم الناجمة عن التعب، والأرق وأسبابه وطرق علاجه، ففي المستقبل سينعم الجميع بنوم هانئ.
الفكرة من كتاب مستقبل النوم
إن النوم هو أحد معجزات العالم المتكررة يَوْمِيًّا، يضطرُّك إلى الاستلقاء فاقدًا وعيك عن قصد خلال الساعات الثماني التالية، فهو برزخ خاص بين الحياة والموت، وقواعد النوم الصحية في عالمنا لم تلقَ بعد الاهتمام الكافي، لذا فمن الجيد البحث في العوامل المؤدية إلى النوم الصحي، وإدراك الفرق بين النوم السوي والشاذ، ومعرفة منشأ الأحلام، والتنبؤ بما سيكون للنوم من شأن عظيم في الغد القريب.
مؤلف كتاب مستقبل النوم
ديفيد فريزر- هاريس: وهو كاتب اسكتلندي شهير، وأستاذ فسيولوجي، درس بجامعة جلاسكو وتابع دراساته العليا في جامعات برن وهايدلبرج وزيورخ، وعمل أستاذًا بجامعات عدة، وآخر مناصبه العلمية كانت أستاذًا للفسيولوجي بجامعة دالهوزي، استطاع المؤلف أن يمزج بين الطب ومعرفته التاريخية، ومن أهم مؤلفاته: “الأعصاب”، و”الأسس الكيميائيَّة للحياة”، وانتهت مسيرته الحافلة بوفاته عام 1937.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد بدران: مؤلف وواحد من أبرز المترجمين المصريين في العصر الحديث، وأطلق عليه محمد شفيق غربال لقب “عمدة المترجمين”، حصل على الدكتوراه بأطروحة عن “الملل والنحل”، كما عمل بالتدريس بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ومدرس بمعهد الصحافة، وتولى إدارة الثقافة في وزارة التربية والتعليم، وعام 1914 شارك في تأسيس لجنة التأليف والترجمة والنشر، وألف كتاب “الفلسفة في الميزان وتأسيس القواعد من القرآن”، كما ترجم وراجع كتبًا أجنبية عدة أهمها: “تاريخ المسألة المصرية”، و”معالم في تاريخ الإنسانية”، و”هنري السادس”، و”موسوعة تاريخ العالم”.