النوم
قد يكونُ النومُ مِفتاحًا آخرَ يُفسِّرُ الموت، فعند النوم، نموتُ بشخصياتِنَا وطِبَاعِنَا، ونفقِدُ المحاكمةَ العقليةَ التي نتمتعُ بها خلال اليقظة، وكأننا فقدنا الرُوح.
في النوم، يعودُ المرءُ لخاماتِهِ الطبيعيةِ ولعقلهِ الباطن؛ فيعيشُ بظروفٍ غيرِ مَألوفة، ويُصدِرُ أحكامًا ويَشعرُ بمشاعرَ جديدة، قد يستحيلُ عليه أن يُعايشَهَا عندما يكونُ في وعيه.
إنْ تأمّلْنا في النوم؛ سنجدُهُ يقظةً عميقةً أُخرى، وفيه يُعيدُ الجِسمُ بِنَاءَ نفسه، ويُنظِّمُ دَورتَهُ الدموية، ويفتحُ البابَ لرغباتِهِ المَكبوتة؛ كي تَخرُج؛ فيُعايشهَا ويتعلم منها، وفيه أيضًا مرحلةُ النومِ العميق، التي يُمكِنُنا اعتبارُها زمنًا مَشطوبًا من الحياة، لا يُوجدُ فيها أيُّ وعيٍ أو حياة.
وفي النوم تتحكمُ المُخيَّلةُ بالزمان، فلا يُمكن قياسُ ما ننامَهُ بواقِعِنا، لأنَّ الزمنَ عند النائمِ يخضعُ له فقط، يتصرفُ فيه كما يَشاء.
أثناءَ النوم، يعودُ الإنسانُ ويقتربُ من أساسِ تكوينه، يقترِبُ من التُرابِ الذي هو أصلُ خلاياه.
الفكرة من كتاب لغزُ الموت
يأخُذُنا “مصطفى محمود” بأُسلوبِهِ البسيطِ الجذّاب في رحلة للتفكُّرِ بأحدِ أكبرِ الأشياءِ جَدَليّة، ألا وهو الموت، ويعرِضُ لنا حقائقَ قد تكونُ صادمةً عند التأمُّلِ فيها؛ مثلَ أننا نموتُ في كلِّ لحظة.
ثم ينتقلُ بنا للحديثِ عن أجسادِنا وحُدودِهَا، وعن الزمنِ واختلافِ مَفهومهِ باختلافِ وعيِنَا فيه، ثم يتحدثُ عن الإرادةِ والحُريّةِ، مُتسائلًا تساؤلاتٍ عَميقة، مثل: هل الإنسان مُسير أم مُخير؟، كما يتحدثُ عن النوم وعن التُرابِ وتركيبِه والكون، وكيف يتكونُ من عاملٍ واحد، يُعبِّرُ في مَضمونِهِ عن تجلى الله.
مؤلف كتاب لغزُ الموت
مصطفى محمود، طبيبٌ مُتخصص، وكاتبٌ وباحثٌ مُتفرغ، ألّفَ 89 كتابًا تنوعت بين العلم والفلسفة والدين والسياسة والأعمال الأدبية.
أسسَ مسجد “مصطفى محمود” في القاهرة، و”جمعية مسجد محمود”، التي تضم مستشفى ومركز للعيون ومراكز طبية أخرى، بالإضافة إلى متحف للجيولوجيا وآخر للأحياء المائية ومركز فلكي.