النمل بوصفه جيشًا من الأتباع
النمل بوصفه جيشًا من الأتباع
تمثل مستعمرات النمل منذ زمن بعيد كما ذكر في الأساطير والتاريخ رمزًا للقوة الجماعية الخاصة بالجنود في الحرب، حيث استطاع أن يجد الإغريق فيها نظامًا هائلًا متماثلًا للمحاربين الأقوياء الأوفياء، ومن هنا أطلقوا عليهم وصف “الميرميدون Mrymidons” الذي اشتقت منه بعض الكلمات الخاصة بالنمل مثل “مبحث النمل Mrymecology”، كما ذكر أيضًا هنري مكوك أحد محاربي الحرب الإسبانية الأمريكية عن العظمة التي يمثلها جيش النمل، وكيف يسهل على المرء التحكم في جيش كهذا.
نتج عند البشر صورة خيالية عن النمل تحت إطار قيادي سلطوي، كما توضح تجربة الطبيب النفسي أوغست فوريل في الصغر جبانًا ووحيدًا، حيث كان يهرب من عالم البشر الذي لم يحظَ بفرصة الخروج له لعالم النمل الذي أصبح جزءًا منه يمتلكه ويستطيع قيادته ويصبح ملكًا عليهم بإرادته، ومن هنا يرتبط علاقة مقياس البشر بالنسبة للنمل حيث إحساس القيادة من الأضعف في عالم البشر على الأقوى من عالم النمل واهمين أنفسهم مخالفين الحياة الواقعية، وفي النهاية يكون جيشه الشخصي الذي يمثل السكن والعزاء له.
تبين هذه التجربة الروايات المزيفة التي تروى عن انتصار الضعيف على القوي مثل الصبي على الرجل، والفقير على الأمير، وداود على جالوت كما ذكر الكاتب، وكيف أن النمل يتمتع بمكانة كبيرة في الفن والأدب، موضحًا شعور القارئ دائمًا بالأمان تجاه هذا العالم الصغير بالنسبة له.
الفكرة من كتاب النمل – التاريخ الطبيعي والثقافي
نقر جميعًا بالحدود المرسومة لكل مكان وجد على الخريطة الطبيعية للعالم، إذ أصبح للإنسان مع مرور الزمن حدود لا يستطيع تجاوزها وفقًا لقوانين الطبيعة أو قوانين الإنسان الآخر، ولكن من العجيب أن نجد كائنًا آخر يملك بعض الصلاحيات التي امتلكها الإنسان دون باقي الكائنات الحية الموجودة على الأرض!
يتحدث هذا الكتاب عن حشرة النملة وقدرتها العجيبة على خلق حياة دقيقة مماثلة للحياة البشرية، بل تفوقها بمراحل كما تروي القصص والأساطير الخرافية، ورغم صغر هذه الحشرة وضآلتها فإنها الكائن الوحيد على وجه الأرض وباطنه الذي لا يستطيع أحد وضع الحدود الرسمية له والحد من بناء مستعمراته الممتدة والمتصلة تحت الأرض، حيث تثبت لنا النملة أن أي مكان لم يستطِع الإنسان ضمه إلى الحدود فوق الأرض استطاع النمل فعل هذا تحت الأرض.
مؤلف كتاب النمل – التاريخ الطبيعي والثقافي
شارلوت سلي : درست التاريخ وفلسفة العلوم في جامعة كامبريدج، وبعدها حصلت على أستاذ مساعد زائر لمدة عام واحد في جامعة كاليفورنيا، وبعد ذلك تولَّت منصب محاضرة في كلية التاريخ بجامعة كنت في كانتربري عام 2003، وكان محتوى تدريس شارلوت فيها عن العلوم والأدب والمجتمع الفيكتوري وتاريخ الحيوانات وتاريخ الجسد في القرن العشرين، وقد عرفت شارلوت بلقب “المرأة النملة” بسبب أبحاثها في علم النمل، كما اشتملت اهتماماتها البحثية “علوم الحياة” على مدار 150 عامًا الماضية، وأصدرت شارلوت عدة أبحاث ومقالات مختلفة في العلوم والحيوانات وبعض الكتب مثل:
The Paper Zoo: 500 Years of Animals in Art.
Six Legs Better: A Cultural History of Myrmecology.
Literature and Science.
معلومات عن المترجم:
معين الإمام: من سوريا، وأسهم في ترجمات كثيرة كانت ثروة للمكتبة العربية، ومن ضمنها:
الطريق.
جرأة الأمل: أفكار من استعادة الحلم الأمريكي.
النظام السياسي والانحطاط السياسي: من الثورة الصناعية إلى عولمة الديمقراطية.