النمل بوصفه آلات
النمل بوصفه آلات
لم يخلُ التاريخ من الجدل بين العلماء بدايةً من أرسطو الذي كان يحاول معرفة هل هناك حيوان عقلاني أم أن الحكمة والعقل خاصة بالبشر فقط، أسَّست علاقة بين الحشرة والإنسان والآلة وتم تطبيق هذه العلاقة على النحل، حيث إنه يشبه النمل بشكل كبير في دقته ونظامه وقدرته على صناعة متقنة للخلية متناسقة بكل الزوايا، قد لا تمتلك النحلة عقلًا مفكرًا يساعدها على كل هذه الدقة والعمل، ولكن تمتلك هبة من الله تسمى “الغريزة”، وهو محرك الآلة الطبيعية في الحيوان.
بعد الحرب العالمية الثانية بدأ العلماء والفلاسفة بربط بحثي بين الفلسفة، والرياضيات، وعلم النفس، وعلوم الحاسب والمعلومات مع مبحث النمل، وبناء عليه نشرت عدة أنظمة ذاتية مستمدة من مستعمرة النمل، كما ابتكر مجموعة من الباحثين الإيطاليين طريقة لحل المشكلات الحسابية والحاسوبية مستوحاة من فكر النملة، ومع مرور الوقت أفادت هذه التقنيات البحثية واستطاع الباحثون من خلالها استخدام حسابات النمل الخوارزمية الإيطالية والعمل على عدة روبوتات صغيرة كان المصدر الأول للإلهام فيها هو النمل، لم يقف الأمر هنا، بل استطاعوا أيضًا ابتكار نملات آلية صغيرة لإزالة الألغام.
ومن هنا تتضح أهمية علماء بحث النمل وكيف استطاعوا تطوير النظام التقني للحاسوب بمساعدة دراسة أسلوب الحياة والتنظيم للنمل، واستطاع النمل بوصفه آلة أن يثبت أن القوة الطبيعية المجردة للنجاح تعتمد على النشاط الاجتماعي، وهذا ما يميز بينه وبين عالم البشر ومرة أخرى تحول النمل إلى مثال يحتذى به بعد ما شنَّ الهجوم عليه.
الفكرة من كتاب النمل – التاريخ الطبيعي والثقافي
نقر جميعًا بالحدود المرسومة لكل مكان وجد على الخريطة الطبيعية للعالم، إذ أصبح للإنسان مع مرور الزمن حدود لا يستطيع تجاوزها وفقًا لقوانين الطبيعة أو قوانين الإنسان الآخر، ولكن من العجيب أن نجد كائنًا آخر يملك بعض الصلاحيات التي امتلكها الإنسان دون باقي الكائنات الحية الموجودة على الأرض!
يتحدث هذا الكتاب عن حشرة النملة وقدرتها العجيبة على خلق حياة دقيقة مماثلة للحياة البشرية، بل تفوقها بمراحل كما تروي القصص والأساطير الخرافية، ورغم صغر هذه الحشرة وضآلتها فإنها الكائن الوحيد على وجه الأرض وباطنه الذي لا يستطيع أحد وضع الحدود الرسمية له والحد من بناء مستعمراته الممتدة والمتصلة تحت الأرض، حيث تثبت لنا النملة أن أي مكان لم يستطِع الإنسان ضمه إلى الحدود فوق الأرض استطاع النمل فعل هذا تحت الأرض.
مؤلف كتاب النمل – التاريخ الطبيعي والثقافي
شارلوت سلي : درست التاريخ وفلسفة العلوم في جامعة كامبريدج، وبعدها حصلت على أستاذ مساعد زائر لمدة عام واحد في جامعة كاليفورنيا، وبعد ذلك تولَّت منصب محاضرة في كلية التاريخ بجامعة كنت في كانتربري عام 2003، وكان محتوى تدريس شارلوت فيها عن العلوم والأدب والمجتمع الفيكتوري وتاريخ الحيوانات وتاريخ الجسد في القرن العشرين، وقد عرفت شارلوت بلقب “المرأة النملة” بسبب أبحاثها في علم النمل، كما اشتملت اهتماماتها البحثية “علوم الحياة” على مدار 150 عامًا الماضية، وأصدرت شارلوت عدة أبحاث ومقالات مختلفة في العلوم والحيوانات وبعض الكتب مثل:
The Paper Zoo: 500 Years of Animals in Art.
Six Legs Better: A Cultural History of Myrmecology.
Literature and Science.
معلومات عن المترجم:
معين الإمام: من سوريا، وأسهم في ترجمات كثيرة كانت ثروة للمكتبة العربية، ومن ضمنها:
الطريق.
جرأة الأمل: أفكار من استعادة الحلم الأمريكي.
النظام السياسي والانحطاط السياسي: من الثورة الصناعية إلى عولمة الديمقراطية.