النقود والمصارف
النقود والمصارف
بعد أن تطور النشاط الاقتصادي بفعل التخصص وتقسيم العمل، كانت المقايضة هي الأسلوب المتبع في بادئ الأمر، وهي تعتمد على مبادلة السلعة بسلعة أخرى وهنا كان الإنتاج هو الوجه الآخر للاستهلاك، ولكن لم يدم الأمر طويلًا حتى ظهرت مشكلات هذا النظام، فاهتدى الإنسان في النهاية إلى فكرة النقود، وهي وسيط عام متفق عليه بين الجميع، فانفصلت بذلك عملية الإنتاج عن الاستهلاك، فبعدما كان الفرد يبادل إنتاجه بالسلع التي يرغب في استهلاكها، أصبح الآن بإمكانه بيع إنتاجه مقابل مقدار من النقود ومن ثم مبادلة تلك النقود بالسلع التي يرغب في استهلاكها، ومع تعقد الأنشطة الاقتصادية نشأت المصارف والبنوك.
والاقتصاد الإسلامي إذ يثمِّن الدور الحيوي المنوط بالمؤسسات المصرفية، إلا أنه يضع لها بعض القواعد التنظيمية مما كان له الأثر في ظهور ما يسمى بالبنوك الإسلامية، ورغم اللغط الكبير المثار حولها ومدى جدوى التفرقة بينها وبين المصارف العادية، فإننا نستطيع القول إن الفرق الجوهري بينهما هو أن فلسفة التمويل الإسلامي تنتهج أسلوب المشاركة في المخاطر وربط الاقتصاد الحقيقي بنظيره النقدي، وعلى ذلك فكل معاملة مالية لها ما يقابلها في الاقتصاد المادي الواقعي عبر عقود المشاركة والمضاربة والمرابحة، وغير ذلك من العقود الشرعية البديلة عن التعامل بالربا.
ولبيان مدى الأثر السيئ للتعامل الربوي، نستطيع القول إن فكرة القياس عمومًا تعتمد على مقارنة شيء ما متحرك (متغير) بآخر ثابت (المعيار)، وفي الاقتصاد تؤدي النقود دور المعيار الثابت لقيم السلع والخدمات المتغيرة، لذا من المفترض أن تتمتع بنوع ما من الثبات النسبي، من هذا المدخل يُفهم الأثر الكارثي للتعامل الربوي حيث يعمد إلى خلخلة فكرة الثابت (النقود) الذي هو معيار كل المتغيرات (السلع والخدمات).
الفكرة من كتاب الأسس النظرية للاقتصاد الإسلامي
بعد الإعصار المالي الذي ضرب أسواق المال خلال الأزمة المالية العالمية 2008، برزت على السطح دعوات تطالب بالتعرف على الأسس الاقتصادية الإسلامية للاستفادة منها في كبح جنون الرأسمالية المعاصرة، وفي عام 2015 أقام صندوق النقد الدولي ندوة حوار عن مستقبل التمويل الإسلامي الذي تخطَّى حاجز الـ15% من التمويل العالمي، وهنا كان السؤال الأصعب: هل بالفعل توجد ثمة رؤية اقتصادية إسلامية؟ وما أبرز محدَّداتها؟ وهل تصلح بديلًا عن الأنظمة التقليدية المعاصرة؟ كل تلك الأسئلة وأكثر يجيب عنها المؤلف في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب الأسس النظرية للاقتصاد الإسلامي
خالد بن سعد المقرن: كاتب، ومدير جامعة المجمعة بالسعودية. تخرج في جامعة الإمام، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد الإسلامي، ثم حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في ذات التخصص، وعمل أستاذًا مشاركًا، وتولى عمادة كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
من مؤلفاته: “اختلال هياكل الإنتاج في الدول الإسلامية: دراسة تطبيقية”، و”دراسة تحليلية للآثار الاقتصادية والاجتماعية للتمويل الربوي”، و”دور الدولة في تمويل القطاع الزراعي وأثره في رفع مستوى الإنتاجية”.