النقلة الكُبرى
النقلة الكُبرى
تعدُّ المراهقة مرحلة فارقة في حياة الإنسان من كل النواحي الجسدية والعقلية والنفسية، وبالتالي فهي تحتاج إلى توجيه وإرشاد كبيرين مع عاطفة أيضًا وصبر طويل، ذلك لأنها عملية تستغرق وقتًا ربما يصل إلى عشر سنوات، فيحتاج المراهق خلال تلك الفترة إلى بيئة تحيطه وتتفهَّمه وتساعده وتترك له مساحة من الحرية وتشركه في الحياة باعتباره فردًا مستقلًّا يحاول أن يكسر بيضة الطفولة ليرفرف بأجنحة الشباب.
يذكر الكاتب أن مرحلة المراهقة قُسِّمت إلى ثلاث مراحل أولاها المراهقة الأولى التي تحدث فيها التغيرات الجسدية -والتي تقع بين ١١ و١٤ عامًا- ثم مرحلة المراهقة الوسطى حيث تكتمل تلك التغيرات -وهي بين ١٤ و١٨ عامًا- والمرحلة الثالثة هي مرحلة المراهقة المتأخرة، وهي مرحلة الرشد والنضج، والتي تقع بين ١٨ و٢١.
وحتى نضمن ألا يُكسر جناحا الشباب تحت وطأة المشاكل والتغيرات التي تعتريهم، فعلينا أن نحاول تفهُّم كل مشكلة ونترك لهم فرصة للتعبير عن مشاكلهم واحتياجاتهم، فلربما كان الخلل تعامل الأسرة مع الطفل، فمشكلة كالتمرُّد مثلًا قد يكون السبب فيها عدم قدرة الوالدين على تفهُّم ومواكبة زمان الشاب، وانحسارهم في زمانهم هم بعاداته وتقاليده وطريقة تربيتهم، فتنشأ فجوة بينهم لا تُملأ إلا بالحوار الهادئ وبحسن الإنصات وبالتفرغ لهم بعض الوقت وبمشاركتهم في بعض الأنشطة مثلًا، مشكلة أخرى على النقيض تمامًا وهي مشكلة الانطواء والخجل الزائد، فهي تحتاج منا إلى صبر وتشجيع وفتح مواضيع حوارية وإعطائه مساحة للكلام والتعبير عن آرائه، مشكلة شائعة أخرى وهي مشكلة العادة السرية، التي قد تنشأ من وراء الفراغ ربما أو التعرض لمواد إباحية بغير وجود رقابة أسرية، وكذلك تأخُّر الزواج مع وجود الداعي، ربما بسبب الجهل الجنسي، المشكلة الأكبر في عواقب هذه العادة والتي قد لا تنقطع بعد الزواج كما يظن البعض، وبالتالي كلما كان الحرص والتشجيع على الزواج المبكر أكبر مع وجود صحبة صالحة ووقت مملوء بأمور نافعة مع الحرص على طقوس معينة قبل النوم (كالنوم على طهارة وبملابس كاملة والنوم فورًا عند وجود النوم وعلى الجنب الأيمن) استطعنا تفادي الوقوع في هذه العادة.
وهكذا على تعدُّد مشاكل الأطفال في مراحلهم المختلفة فإننا سنجد أن العامل الأكبر المؤثر في الحل هو الأسرة “عش الطائر”.
الفكرة من كتاب اجعل ابنك يثق بنفسه
حين يُقدم المرء على اتخاذ قرار تكوين الأسرة بادئًا بالزواج ثم الإنجاب والتربية، عليه أن يعلم أنه مُقدِم على مسؤولية شريفة وأمانة عظيمة إن هو احتسب الأجر فيها وأعدَّ لها عدتها، فأن تكون مسؤولًا عن زوجة/ زوج ثم عن أبناء تمرُّون معًا بمراحل حياتية مختلفة وأحداث يومية متجدِّدة أمر يحتاج إلى صبر ومجاهدة واحتساب، ويحتاج أيضًا إلى تزكية للنفس وتعلُّم ومحاولة اكتشاف ومعرفة نفس الآخر ويحتاج إلى فقه للواقع المعيش وطرق التعامل معه وإلى ترتيب لأولويات الحياة، فالتربية الحسنة تبدأ من قبل أن يأتي طفلك، تبدأ منذ اختيارك لشريك حياتك، ثم تتغيَّر صورها مع الوقت، واطمئن فلست وحدك، المدرسة معك، أسرتك الكبيرة معك والمسجد أيضًا وربما الإعلام، في نهاية الأمر تبقى البيوت غراسنا: زراعتنا.. عنايتنا.. بها تحدِّد وتسفر عن حصادها مع مرور الأيام، وحتى يبلغ بنا الكبر عتيًّا، نبرُّهم اليوم فيبروننا غدًا.
عن التربية والمراهقة، وعن البر والعقوق، وعن المؤسسات التربوية والقصص الواقعية والأمثلة الحياتية يتحدَّث هذا الكتاب.
مؤلف كتاب اجعل ابنك يثق بنفسه
خالد عبدالله الشمروخ: مواليد دولة الكويت عام 1967م ، حاصل على ثلاث شهادات أكاديمية: علم النفس التربوي من كلية التربية جامعة الكويت، ومحاسبة بكلية الدراسات التجارية بالكويت أيضًا، وعلوم عسكرية بالكلية العسكرية بالكويت، وهو ناشط إعلامي واجتماعي، وله برامج إذاعية وتلفزيونية، وكاتب في عدة صحف كويتية، له كتاب آخر بعنوان: “كيف تواجه الجمهور بثقة؟”.