النفوس مطوية على طرف اللسان
النفوس مطوية على طرف اللسان
يعتبر الكلام الطريقة الأكثر رواجًا للتواصل بين البشر، ولكن هل فكرت يوميًّا كيف تظهر خبايا نفوس الناس على أطراف ألسنتهم؟ هذا ما تجيب عليه شفرة الكلام تحديدًا، فلكل كلمة معنى ودلالة شعورية وسبب، ولا يدفع المرء نفسه إلى الحديث إلا لغاية يرجوها لهذا لا تتعامل مع أحاديث الجميع معك على نفس الدرجة من التفاعل وبنفس ردَّات الفعل لأن النمَّام له وضعه الشعوري منك والثرثار والمعارض لك والمقلِّل من شأنك وحتى الذي يعمد في استخدام ألفاظ السباب والشتم فهو يعكس ما يطويه في نفس من ازدراء للآخر وعدم شعور بالأمان.
وإذا تأمَّلنا في حال المعارضين على الدوام الذين يعتمدون الأسلوب الهجومي من أي موقف وموضوع نجد أن هذا السلوك ما هو إلا إشباع لرغبات بسط السيطرة والتملُّك والإحساس بالقوة، كما نجد أن الشخص الذي يحاول التقليل من شأن الآخرين، فهو يحاول إسكات ضجيج مخاوفه ووحشته الداخلية باللجوء إلى تعزيز مكانته في أعين الآخرين، ولو كان هذا على حساب الحط من شأن غيره وحسب، ويتعلَّق الشعور بعدم الأمان كذلك بكثيري الكلام أيضًا، فهم يتقوقعون حول ذاتهم ويتمركزون حول أنفسهم، فلا يسمحون لأي صوت خارجي الولوج في أعماقهم خوفًا من الضعف والانكشاف فتراهم يكثرون من الحديث والمقاطعة، حتى النمام الحاقد في هذا المعنى يغذِّي مشاعره بالإساءة للآخرين وتشويه صورتهم والنيل من سمعتهم في غيابهم لأنه أناني بامتياز يرفض أن ينافسه أحد أو أن يتفوق عليه، وهذا ما يجعله يلجأ إلى مثل هذه الأساليب الرخيصة في الحديث.
وهكذا تطوى الأنفس في صفحات الكلام وتظهر وراء كل كلمة وأختها حقيقة ما يبطن المرء وما يضمر!
الفكرة من كتاب أعرف ما تفكِّر فيه
قد لا ينتبه أغلبنا في محادثاتنا اليومية للرسائل المختبئة خلف نبرات الصوت أو في حركة الجسد أو نظرة العين، في الوقت الذي تعتبر فيه خصائص الصوت دلالة من دلالات السلامة العقلية والنفسية، ومقياسًا من مقاييس فهم الحالة المزاجية للشخص المقابل، حتى أن علماء الأنثروبولوجي قدَّموا أبحاثًا في هذا الصدد لفهم ما يظهر على وجه الإنسان من تعبيرات بغية تحسين التواصل أو قراءة الحالة أو حتى التبيُّن من صدق الشخص أو كذبه، إذ تعدُّ لغة الجسد لغة حقيقية قائمة بذاتها، وكل ما نشعر به حيال الناس في اللقاءات الأولى من مشاعر ارتياح أو حب أو نفور له جانب قوي متعلِّق بلغة الجسد؛ فالقوة التي تعطينا إياها قراءات الأجساد والوجوه من شأنها أن تسهِّل علينا عملية التواصل الصحي مع الآخرين، وأخذ الحيطة والحذر في حالة أخبرنا الحسد بذلك.
مؤلف كتاب أعرف ما تفكِّر فيه
ليليان جلاس: من مواليد ميامي في الولايات المتحدة، وهي صحفية وطبيبة أمريكية، درست في جامعة منيسوتا، وخبيرة في الاتصال بين الأشخاص ولغة الجسم، ومعلِّقة إعلامية، ومستشارة في الدعاوى القضائية، وهي أيضًا مخرجة ومنتجة أفلام، وهي ابنة الناجي من المحرقة روزالي جلاس.
ولديها عدد من المؤلفات منها: “لغة جسد الكاذبين”، و”هو يقول هي تقول”.