النفس في القرآن
النفس في القرآن
إن الإنسان كائن يبحث عن السكينة، لتخفيف توتره، الناشئ عن حاجاته الكثيرة، التي بدورها تثير طاقاته التي زوده الله تعالى بها، فالحاجات والطاقات بحكم التكوين الثنائي للإنسان باعتباره جسدًا وروحًا تنقسم إلى مادية أو جسمية، وغير مادية أو نفسية، والإنسان نظام من هذه الحاجات والطاقات.
فالحاجات الجسمية هي التي يشترك فيها الإنسان مع كل الكائنات الحية كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ﴾ ويشير هنا إلى حاجة العطش والجوع، والكساء والتوازن الحراري للجسم، أما الحاجات النفسية فهي إنسانية خالصة ذات أساس روحي أو روحي جسمي كالتملك والخلود والجمال، يقول تعالى: ﴿مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾.
وهذه الحاجات ما لم يتم إشباعها تولِّد لدى الإنسان توترًا يسميه القرآن هلعًا ومن معاني الهلع: قلة الصبر، وتحمِل اللفظة معاني الحركة والسرعة التي نراها في حياتنا المعاصرة، ويبحث الإنسان عن تخفيف هذا التوتر عن طريق السكن أو السكينة وهو متوفر في أربعة أشياء ذُكرت في كتاب الله هي البيت والليل والزوج ووجود الله، فالسكينة المكانية والزمانية والإنسانية والربانية كل منها تُشبع حاجة أو مجموعة حاجات، وبالنسبة إلى السكينة الربانية فهي التي يضعها الله في قلوب عباده في حالات الخوف الشديدة وبطريقة لا نعلم كنهها.
وإلى جانب الحاجات فقد زوَّد الله تعالى الإنسان بنظام من الطاقة لإشباع هذه الحاجات والطاقة هي طاقة عقلية تُدرك الحاجة وطريقة ومستوى إشباعها ينتج عنها طاقة سلوكية وطاقة شعورية، يقول تعالى: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾، وشجَّع الإسلام على إشباع هذه الحاجات وحدَّد طريقة لإشباعها إشباعًا حقيقيًّا شرعيًّا معتدلًا فقال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): “وإن في بضع أحدكم لأجرًا”.
الفكرة من كتاب الدين والصحة النفسية
أعمال العنف في العالم الآن في تزايد، بعضها من جماعات تعتنق دينًا أو عقيدة معينة وتقتل المدنيين العزَّل بدعوى تلبية نداء هذا الدين، كالذين قَتَلوا مدنيين في قطار طوكيو معتقدين أنهم يخلصونهم من عذاب الدنيا، أو كما قُتِل المدنيون العزل من المسلمين.
هذه الوقائع تؤكد ما للدين من تأثير قوي في سلوك أتباعه، المستقيم منهم والشاذ، وهذا التأثير قد يصل إلى حد إزهاق أرواحهم أو أرواح غيرهم، وهو ما جعل الكاتب يدرس هذه العلاقة بين الدين والصحة النفسية التي تلقي بأضواء كاشفة على فهمنا لتأثير الدين في سلوك أتباعه.
مؤلف كتاب الدين والصحة النفسية
آزاد علي إسماعيل: متخصص في علم النفس، وله دراسة منشورة عن جامعة الخليل بعنوان “الرضا الوظيفي والاحتراق النفسي لدى المدرسين في كردستان العراق”، وكتابه هذا “الدين والصحة النفسية” الصادر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي.