النفس الإنسانية وتأثير الأفكار
النفس الإنسانية وتأثير الأفكار
سعادة الإنسان (أو شقاؤه) تنبع من نفسه وحدها، وهو الذي يعطي الحياة لونها، وقد عاد النبي ﷺ رَجُلًٍا، فَقَالَ: “لا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ: كَلَّا، بَلْ حُمَّى تَفُورُ، علَى شيخٍ كَبِيرٍ، كَيْما تُزِيرَهُ القُبُورَ، فقَالَ النبيُّ ﷺ: فَنَعَمْ إذًا”، إن أفكارنا لا أحوالنا هي ما تجعلنا ممتلئين بالرضا والسعادة أو الشقاء والتعاسة، والإنسان حين يرتفع في مدارج الثقافة والوعي يتغير الكثير من أفكاره وأحاسيسه، “فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط” كما يقول نبي الله (عليه الصلاة والسلام).
والنفس الإنسانية هي محور الإصلاح والعمل وذلك في كل الرسالات، ورسالة الإسلام تعمل على تهذيب تلك النفس الإنسانية سبيلًا للإصلاح العام، وذلك بغرس مبادئه في أعماق كل مؤمن فيضبط أفكاره فتتهيَّأ له سبل الهداية في كل المجالات، وحتى العبادات فمن غايتها إدراك الحق وسلوك أقرب الطرق إليه، فالإيمان يعطي أحكامًا صائبة لكل ما يختلف علينا في الحياة ويدفع بسلوكنا في مجراه الصحيح بعيدًا عن شؤم المعاصي والشهوات التي تتسبَّب في ضياع الفرد والمجتمع.
وكل نفس إنسانية متفرِّدة في ذاتها، والناس ليسوا نسخة مكرَّرة متماثلة لا في الصورة ولا في الطباع، ولذلك فلكل إنسان قالبه البدني الذي لا يماثله فيه أحد، وكيانه الروحي والمعنوي الذي يميزه عن غيره، والإسلام كفل لكل شخص حرية اختيار طريقه الخاص شرط أن يكون لهذا الطريق غاية معينة تنظم سيره وتحكم أمره وتدله على الخير.
الفكرة من كتاب جدد حياتك
يعدُّ هذا الكتاب عرضًا للمبادئ الراقية المتوافقة مع الفطرة، والتي وردت في كتاب “دع القلق وابدأ الحياة” لديل كارنيجي وردها إلى أصولها في الشريعة الإسلامية، فالإسلام هو دين الفطرة، وتعاليمه المعنية بكل شؤون الحياة هي توثيق لكل الأفكار الصحيحة والطبائع السليمة التي تنشد العيش في كمال وسلام، فمنطق الطبيعة الإنسانية الصحيحة في الوصول إلى طريق الخير يوافق الآيات السماوية في هداية الناس إلى الطريق المستقيم.
غير أن هذه الفطرة لا بدَّ أن تكون نقية وغير معتلَّة، فالفطرة السليمة هي التي تبيِّن لنا الحق والخير، ونحن وإن عجزنا عن كفِّ ذوي الفطر العليلة المشوَّهة عن الدين، فعلينا أن نفسح الطريق لأسوياء النفوس وذوي البصائر فينفعوا الناس بما شرع الله فيحسنون فَهم تعاليمه وعرضها.
مؤلف كتاب جدد حياتك
محمد الغزالي عالم ومفكر إسلامي مصري، ولد عام 1917 وتوفي عام 1996، تخرَّج في كلية أصول الدين، وتخصَّص في الدعوة والإرشاد، عمل بالتدريس في جامعة أم القرى بمكة المكرمة وفي كلية الشريعة في قطر، وعُيِّن وكيًلا لوزارة الأوقاف في مصر، تميَّز بأسلوبه الأدبي في الكتابة فأُطلق عليه لقب «أديب الدعوة»، وعُرِف عن الشيخ إلى جانب عاطفته الحاضرة قوَّته في الحق، فكان مدافعًا عن الإسلام، ومتصديًا للاستعمار، وانتقد الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي.
ترك ميراثًا كبيرًا من الكتب، منها: «خلق المسلم» و«عقيدة المسلم» و«ليس من الإسلام»، و«حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي» و«الفساد السياسي» و«فقه السيرة».