النظر إلى المستقبل
النظر إلى المستقبل
قضية التغيير بمرور الزمن تمتد من المساحة الفردية إلى المساحة العامة، لذا لا يمكننا أن نعتمد على تاريخ الاستثمار دائمًا في بناء خطتنا المستقبلية، وخصوصًا مع إغفالنا أن أحداثًا تبدو بسيطة وغير متوقعة يمكن أن تقود إلى تغييرات كبيرة، مثل مولد هتلر وستالين وأديسون وبيل جيتس من بين خمسة عشر مليار شخص في القرنين التاسع عشر والعشرين، أو الحرب العالمية الثانية وصناعة اللقاحات والمضادات الحيوية وسقوط الاتحاد السوفيتي في القرن الماضي. وقد اختلفت الكثير من الأمور الاقتصادية اليوم عن السنوات الماضية، فرأس المال المخاطِر مثلًا لم يكن موجودًا قبل خمسة وعشرين عامًا، وفترات الركود في الولايات المتحدة الأمريكية زاد متوسط المدة بينها من عامين في نهاية القرن التاسع عشر إلى ثماني سنوات في نصف القرن العشرين. الاستثمار أمر مختلف وجديد في كل مرةٍ تقريبًا، ولا يمكننا الاعتماد على المؤرخين كمتنبئين، لكن التاريخ يمكن أن يفيدنا مثلًا في فهم علاقة الناس بالخوف أو الجشع وكيف يتصرفون تحت الضغط.
وحين نفكر في المستقبل، ينبغي أن يكون لدينا قدر من التفاؤل، وإن كان التشاؤم يبدو أكثر إغراءً وأكثر ذكاءً وهو شائعٌ في مجال المال لأسباب، منها أن المال مع الجميع وحدوث أمر سيئ سيؤثر في الجميع ويجذب انتباههم، ولأن التقدم يسير ببطء فتصعب ملاحظته أما الكوارث فتقع بسرعة كبيرة فيصعب تجاهلها، ولأن المتشائمين يستدلون على توقعاتهم بالاتجاهات الحالية دون مراعاة لتغير الأسواق وتكيفها؛ كمن توقع في 2008م أن الصين ستحتاج يوميًّا إلى 98 مليون برميل من النفط في 2030م وإنتاج العالم آنذاك كان 85 مليون برميل يوميًّا، واستنتج نفاد احتياطي النفط في العالم، لكن مع تقدم تكنولوجيا استخراج النفط تبدلت الأمور وصار العالم ينتج أكثر من 100 مليون برميل يوميًّا في عام 2020م. ولم يكن أحدٌ ليصدق شخصًا يقول بعد الحرب العالمية الثانية أن اقتصاد اليابان سينمو ويتضاعف ما يقرب من خمسة عشر ضعفًا وأنها ستغدو من الرواد في مجال الابتكارات الإلكترونية.
ولكن مع ذلك، لا يعني التفاؤل توقع أن كل شيء سيكون بخير دائمًا، وإنما يعني أن نتوقع احتمالات الوصول إلى نتائج في مصلحتنا بمرور الزمن حتى مع التعثر مرارًا في الطريق.
الفكرة من كتاب سيكولوجية المال – دروس خالدة في الثروة والجشع والسعادة
المال والاستثمار هو المجال الوحيد الذي يمكن أن يتفوق فيه غير المتعلم على المتعلم أو المتخصص، فلا يمكنك أن ترى موظفًا بسيطًا ينفذ جراحة خطيرة أفضل من طبيب، لكن يمكنك أن تراه يحقق ثروةً أكبر من شخصٍ درس إدارة الأعمال، فما السر؟
يخبرنا هذا الكتاب أن المشكلة تكمن في تعاملنا مع المال على أنه علم يعتمد على القوانين والقواعد، لكنه في الواقع يتأثر بالعواطف، ولا يمكننا تحديد الأسباب والنتائج فيه بدقة. ويقدم لنا مجموعة من الأفكار والنصائح عن قراراتنا المالية بين الجنون والمعقولية، وعن علاقة المال والسعادة والحرية، وعن مفاتيح لنجاح الاستثمارات يندر الحديث عنها والمزيد.
مؤلف كتاب سيكولوجية المال – دروس خالدة في الثروة والجشع والسعادة
مورجان هاوسل ، شريك في شركة Collaborative Fund، وكاتب عمود سابق في صحيفتي Wall Street Journal وThe Motley Fool. فاز بجائزة Best in business award مرتين من جمعية محرري وكُتاب الأعمال الأمريكيين، وفاز بجائزة NewYork Times Sydney Award.
يُعد كتابه “سيكولوجية المال – دروس خالدة في الثروة والجشع والسعادة The Psychology of Money – Timeless Lessons on Wealth, Greed, and Happiness” الذي نشر في عام 2020 من أكثر الكتب مبيعًا.
معلومات عن المترجم:
كنان القرحالي، مهندس ومترجم كتب في مجالات الفكر والفلسفة والمال والإدارة، من أعماله ترجمة: “عن معنى الحياة” لويل ديونارت، وعدد من مؤلفات كريشنامورتي.