النظرية السياسية الليبرالية
النظرية السياسية الليبرالية
إن النظرية السياسية للمذهب الليبرالي تقوم على ثلاثة محددات رئيسة، وهي الفصل بين السياسة والقيم الأخلاقية، وما يسمى بالرؤية الذرية للوجود الاجتماعي أو خاصية الفردانية، والنزوع إلى تحرير الفرد المالك من استبداد السلطة السياسية المطلقة.
وبذلك تجد أن الحرية التي يروِّج لها المذهب الليبرالي ليست حرية أخلاقية تحترم حقوق الجميع، بل انتقائية تحترم أصحاب رؤوس الأموال والمسيطرين على اقتصاد العالم بأملاكهم، لكنها مع الأشخاص الفقراء الذين لا يملكون رأس المال تتجاهلهم ولا تعبأ بهم، بل ولا تجد لهم الحق في أن يكونوا أحرارًا ويقرِّروا مصيرهم بأنفسهم ويسوسوا أنفسهم، كما أنها تلغي قيمة الجماعة والمصلحة العامة للمجتمع الدولي، وتركِّز على الأفراد والدول المالكة والمسيطرة على الاقتصاد العالمي، إذ إنها ترى أن الفرد إذا سعى إلى مصلحته الشخصية وفقط، عندها ينفع المجتمع أكثر من أن يسعى من البداية إلى نفع المجتمع، وهذا كلام فلاسفة الليبرالية، لكنه كلام تنظيري لأن الحقيقة عكس ذلك.
فالليبرالية واقعيًّا تركز على أصحاب رؤوس الأموال في العالم ولا ترى غيرهم، كما أنها تنادي بفصل السلطات، وذلك باستقلال السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية ونظيرتها القضائية، وذلك لضمان عدم انزلاق المجتمع إلى الاستبداد، وبذلك تكون رؤية المذهب الليبرالي أن الحرية السياسية ينبغي أن تكون المقصد الأساسي للنظام المجتمعي، لكن هل تكفل الليبرالية الحرية السياسية لكل بني الإنسان؟ إنها تكفل حرية الفرد المالك اقتصاديًّا فقط، الفرد المعني لدى الليبرالية، لذلك فإننا لن نبالغ حين نقول إن المذهب الليبرالي مذهب لا أخلاقي، لا يعرف حقوقًا ولا يوفِّر حرية إلا لمن يعملون على ازدهار الرأسمالية العالمية والترسيخ لها وزيادة هيمنتها، وتعادي وتقمع كل من يعمل على تقليصها والوقوف في وجهها.
الفكرة من كتاب نقد الليبرالية
الحرية هي أسمى القيم التي يسعى الإنسان إليها، وتميزه عن بقية الكائنات، لكنها مع ذلك ليست محددة بإطار ما أو لها حدود ملموسة، وليس كل من يدَّعي أن مذهبه هو السعي إلى الحرية فهو على صواب، بل إن هناك كثيرًا من المذاهب تدَّعي أن مطلبها تحقيق الحرية لبني الإنسان، وهي في الحقيقة تستغل الحرية لكي تبرر أفعالها وممارساتها، فهل تسعى الليبرالية بوجهيها الكلاسيكي والنيوليبرالي إلى الحرية حقًّا أم أن لها وجهًا آخر ومساعيَ أخرى تخفيها؟
في هذا الكتاب محاولة لتحليل المذهب الليبرالي منذ نشأته وحتى يومنا هذا ونقده نقدًا موضوعيًّا لعلنا نتوصَّل معًا إلى تلك الإجابات.
مؤلف كتاب نقد الليبرالية
الطيب بوعزة: كاتب وباحث مغربي، ولد عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين، في طنجة.
يعمل أستاذًا للتعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، له مؤلفات عدة أبرزها:
في ماهية الرواية.
مقاربات ورؤى في الفن.
تاريخ الفكر الفلسفي الغربي.