النظام الاقتصادي الناصري
النظام الاقتصادي الناصري
يشير الدكتور جلال أمين إلى أنه ليس من الصعب تفسير استغناء مصر عن الاستدانة خلال السنوات السبع الأولى للثورة، فمن ناحية كانت مصر لا تزال لديها أرصدتها من الجنيه الإسترليني المستحقة على بريطانيا، فضلًا عن المعونات والمنح التي تلقتها مصر، بالإضافة إلى الاستثمارات الوطنية والأجنبية.
إلا أن الوضع تغير بصورة جذرية خلال السنوات السبع التالية 59-1965 وهي أكثر سنوات الثورة تمثيلًا للنظام الاقتصادي الناصري، فهي سنوات التنمية بالغة الطموح والارتفاع الملحوظ في معدلات الاستثمار والدخل القومي على الرغم من الزيادة السريعة في السكان، لذا لم يكن هناك لمصر مفر من أن تلجأ للاقتراض، ولكنه كان لجوءًا مبررًا حيث تم توجيهه لزيادة قدرة مصر الإنتاجية.
لكن من بعد 1965م تضافرت على الاقتصاد المصري عدة عوامل حتَّمت أداءً اقتصاديًّا باهتًا، بحيث كان من غير المتصور أن يكون بمقدور أي سياسة اقتصادية مهما بلغت براعتها أن تنقذ الاقتصاد المصري من الانحدار ثم الركود في العشر سنوات التالية 65-1975م وعليه وجد عبد الناصر نفسه أمام ثلاثة بدائل:
أن يضحى بالإنفاق العسكري ويقبل بالهزيمة في سبيل الاستمرار في التنمية.
أن يضحى بكليهما أي التنمية والحرب في سبيل رفع معدلات الاستهلاك للشعب.
أن يضحى بالتنمية ولا يسمح إلا بالحد الأدنى من الاستهلاك للاستعداد لمعركة مقبلة.
واختار عبد الناصر البديل الثالث، وهو الاختيار الوحيد الذي كان يسمح له الاستعداد لحرب جديدة، والدخول فيما سمى بحرب الاستنزاف ولو على حساب الاستمرار في التنمية والارتفاع بمستوى الاستهلاك، ثم دخلت مصر بعد ذلك في أعقاب 1967م مرحلة من الركود الاقتصادي استمرت حتى منتصف السبعينيات، وترتب على ذلك نقص شديد في معدلات التنمية وتدهور ميزان المدفوعات والتوقف عن تصحيح الخلل في الاقتصاد المصري بعد التقدم الكبير الذي حصل في السنوات الأولى.
الفكرة من كتاب قصة الاقتصاد المصري
يناقش الدكتور جلال أمين في هذا الكتاب تطور الاقتصاد المصري على مدى القرنين الماضيين، بدايةً من حكم محمد علي وحتى نهاية حكم مبارك، فالكتاب يستعرض الحقب الزمنية مقسمة تاريخيًّا وفق ولاية الحكام، فهو يعدُّ دراسة تاريخية مع التوثيق، مما يجعل منه مرجعًا لفهم درامية الاقتصاد المصري، وما مر به من عوامل الغباء الإداري والتآمر الاقتصادي للحد من نمو دولة لها العديد من الإمكانيات الكافية لتحقيق ذاتها.
مؤلف كتاب قصة الاقتصاد المصري
جلال الدين أحمد أمين، عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، ولد عام 1935، وتخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1955. حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، وشغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، كما عمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، وأستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة حتى وفاته 25 سبتمبر 2018.له العديد من الكتب والمؤلفات أكثرها شهرة «ماذا حدث للمصريين؟» والذي شرح فيه التغير الاجتماعي والثقافي في حياة المصريين خلال الفترة من 1945 إلى 1995.