النظام الإدراكي
النظام الإدراكي
إن استجابة الإنسان وتفسيره للواقع ليست استجابة سطحية مباشرة، وإنما مبنية ومنطلقة من أفكار ومعتقدات وتصورات لها معنى ومغزى معين يفسر صاحبها من خلالها الواقع المادي ويسقطها عليه، وهذا الاختلاف في المعرفة الإدراكية وتنوع التصورات هو ما يفسر تباين الاستجابة وتنوعها للرسالة الإعلامية الواحدة على مستوى الأفراد، ومن المثير أيضًا أن هذه المعرفة الإدراكية المفسرة للواقع تتطور وتتغير مع الوقت، فتفسير الفرد تجاه وضع أو موقف معين يمكن أن يتغير بعد مدة تجاه الموقف نفسه.
لقد مكَّن الارتباط بين الإدراك والسلوك مع التطور في مجالات العلوم النفسية والاجتماعية الإعلامَ من تطويعه لصالحه، وذلك بالتحكم في سلوك الجمهور عن طريق التلاعب بنظامه الإدراكي، فيما يسمى بـ “هندسة الإدراك”، ويتم ذلك عن طريق ثلاث استراتيجيات وهي كما يأتي:
الاستراتيجية الأولى: التوظيف، وذلك بتحليل النظام الإدراكي للجمهور وصياغة الرسالة الإعلامية بشكل يتناسب مع ذلك الإدراك بهدف زيادة مستوى التأثير، وتحقيق أفضل قدر من الاستجابة لها كما يحدث في حملات الدعاية الانتخابية.
الاستراتيجية الثانية: التعديل، وذلك عن طريق ترسيخ بعض المزاعم وتحويلها إلى مسلمات وحذف وإضافة لبعض الأفكار بهدف تزييف الواقع، وتعدُّ هذه الوسيلة هي الأسهل لتعديل النظام الإدراكي للمستقبِل عن طريق إغراقه بمعلومات وأخبار كاذبة ليغير تصوره عن الواقع ويستبدله بالتصور المزيف المرسل إليه.
الاستراتيجية الثالثة: التنميط، والهدف منها صناعة مجتمع يتفق أصحابه في تصوراته وأفكاره ويعطي نفس ردود الفعل ويتشابه في استجاباته للأخبار والمواقف، والنموذج الأشهر لعملية التنميط هو نموذج كوريا الشمالية؛ فالدولة تهدف لإخراج نموذج موحد من المواطنين عن طريق السيطرة على وسائل الإعلام والإنترنت، ووضع العقوبات القاسية والصارمة في حال المخالفة للتعليمات المتعلقة بمشاهدة الإعلام أو تداول المواد الإعلامية، وقد تصل تلك العقوبات إلى الإعدام.
الفكرة من كتاب هندسة الجمهور
يتناول المؤلف في هذا الكتاب مدى تأثير وسائل الإعلام في تكوين الجمهور وتوجيهه لما يريده أصحاب النفوذ من مالكي تلك الوسائل، ويضرب أمثلة متعددة من الواقع السياسي، ويذكر عدة نظريات نفسية وحيلًا متبعة في التأثير الإعلامي.
مؤلف كتاب هندسة الجمهور
أحمد فهمي: محلل وباحث في الشئون السياسية، وله العديد من المؤلفات في هذا المجال منها:
حزب الله وسقط القناع.
مستقبل السلفيين في مصر.
صراع المصالح في بلاد الرافدين.