النشأة
في الخامس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) عام ألف وستمائة واثنين وأربعين (1642م) وُلِد طفل صغير وهو إسحاق نيوتن، وكان ضئيل الجسم جدًّا وضعيفًا؛ حتى إن امرأتين كانتا تعتنيان بوالدته أُرسِلتا لجلب بعض الأدوية، وبدلًا من الإسراع جلستا في الطريق للاستراحة ظنًّا منهما أن المولود لا بدَّ أن يكون قد مات، فلم يكن بإمكانه رفع رأسه للأكل أو التنفس، لذلك أُعدَّ لرقبته الصغيرة مسندٌ خاص، وقد كان والده الفلاح الثري إسحاق قد تُوفِّي قبل ذلك بخمسة أشهر.
تزوَّجت أمه (حنا نيوتن) كهلًا أرمل غنيًّا، وقبل أن توافق أصرت على أن يمنح ابنها بعض ممتلكاته، وأن يجدِّد المنزل الذي يقطنه ابنها، وتم الزواج بعد شهر من بلوغ إسحاق الثالثة من العمر، ولأسباب مجهولة تقرَّر أن يسكن إسحاق في منزل جدته لأمه، وأن تنتقل أمه للعيش مع زوجها، ولذا لم يكن مزاجه متقلبًا وحسب، بل نشأ على الحقد، وكان يرغب في الانتقام ممن أساؤوا إليه.
حين توفي زوجها عادت والدته إلى المنزل وبصحبتها ثلاثة أطفال، لكن إسحاق كان قد تعلَّم الانعزال عن الناس، وكانت أمُّه قد صمَّمت على ألا يكون أميًّا بخلاف والده، فسجَّلته في مدرسة ريفية، وانتقل منها إلى مدرسة تبعد سبعة أميال تقريبًا، حيث كانت اللاتينية واليونانية لغتي التعليم، كما كانت دراسة الكتاب المقدس مهمة، فأصبح الفتى على معرفة جيدة بالمخطوطات العبرية، وكان يميل إلى إنشاء الاختراعات الغريبة، كما كان شغوفًا بالميكانيكا.
وبدلًا من اللعب مع رفاقه كان يشغل نفسه في صنع تحف بسيطة ونماذج خشبية بأنواع متعددة، ومع أنه كان أصغر حجمًا وأضعف قوة من معظم أقرانه فقد كان يحاول أن يعلِّمهم (أن يلعبوا بأسلوب علمي)، كما اعترف فيما بعد بأنه أجرى بواكير تجارِبه عندما استغلَّ هبَّات الريح ليتجاوز الأولاد الآخرين في سباق للقفز، فلم يكن طفلًا بسيطًا، ولم تكن طفولته بلا غاية، بل كانت قائمة على اللعب بالأفكار والآلات، لكنَّه حين ناهز الخامسة عشرة قرَّرت والدته أن تضع حدًّا لدراسته، وأن عليه العودة ليتعلَّم أساليب مالكي الأراضي المعتبرين.
الفكرة من كتاب إسحاق نيوتن والثورة العلمية
يعدُّ إسحاق نيوتن من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور وأحد رموز الثورة العلمية، فقد شغل نيوتن منصب رئيس الجمعية الملكية، كما كان عضوًا في البرلمان الإنجليزي، إضافةً إلى توليه رئاسة دار سك العملة الملكية.
في هذا الكتاب يتحدث جيل كريستيانسن عن نشأة نيوتن ودراسته وتجارِبه التي أجراها، ومناط عبقريته وتفوُّقه على غيره وأبحاثه وإنجازاته، والمناصب التي تقلَّدها واحترام العلماء له والمعارك التي خاضها معهم.
مؤلف كتاب إسحاق نيوتن والثورة العلمية
جيل كريستيانسن Gale E. Christianson: أستاذ بارز في كلية الفنون والعلوم، وأستاذ التاريخ في جامعة إنديانا، ورُشِّح مرتين لجائزة بوليتزر عن كتاب “إسحاق نيوتن وعصره”، وكذلك عن كتاب “حياة لورين إيزلي”، وهو مدير تحرير سلسلة أكسفورد لأعلام العلوم.