النزاع على الحكم وانحسار الدولة السعودية الثانية
النزاع على الحكم وانحسار الدولة السعودية الثانية
في صيف عام 1282 هـ، تُوفي الإمام فيصل بن تركي، ما أدى إلى تسلم ابنه الأكبر عبد الله عديدًا من مسؤوليات الدولة، كما واجه تمردًا من شقيقه سعود على الرغم من أحقية عبد الله بالإمارة سنًّا وعهدًا.
خرج سعود للتمرد على أخيه ونجح في جذب دعم من بعض القبائل، وفي سلسلة من المعارك، هزم سعود أخاه واستولى على السلطة في المنطقة الشرقية، ورغم ذلك استمر عبد الله في الصراع وحاول استعادة السلطة مرارًا وتكرارًا، حتى تحسن موقفه بعد انضمام قبيلة “عتيبة” إليه.
وعلى الرغم من استعادته للحكم، فإن نفوذه لم يتجاوز بعض المناطق، وفي خضم تلك الأحداث استغل آل رشيد النزاع الداخلي بين أبناء فيصل لتوسيع نفوذهم في نجد بمساعدة أمير “بريدة”، حسن بن مهنا.
نتجت عن هذه الصراعات مواجهات عسكرية في “أم العصافير” عام 1301هـ، إذ انهزم الإمام عبد الله، مما قوى نفوذ محمد بن عبد الله الرشيد في نجد، لكن بعدها تمكن الطرفان من التصالح، بشرط تنازل آل رشيد عن بلدان الوشم وسدير لصالح الإمام عبد الله.
ومع ذلك، تحرك أبناء الأمير سعود واحتلوا الرياض، وأسروا الإمام عبد الله، وحدث اتفاق آخر يقضي بمغادرة أبناء الأمير سعود للرياض وتولي عبد الرحمن بن فيصل حكمها، مقابل إطلاق سراح الإمام عبد الله.
في ما بعد، عاد الإمام عبد الله وأخوه إلى الرياض، لكنه تُوفي بعد وصوله بقليل، وبعد وفاته أرسل ابن رشيد قوات لاستعادة الرياض، وتمكن من إلحاق الهزيمة بالأمير عبد الرحمن بن فيصل وأتباعه.
وحينما أراد الإمام عبد الرحمن استعادة الرياض لاحقًا، انهزم في معركة حريملاء، ما أدى إلى نهاية الدولة السعودية الثانية.
الفكرة من كتاب تاريخ المملكة العربية السعودية: الجزء الأول
اعتاد الباحثون والمؤرخون الذين يدرسون تاريخ المملكة العربية السعودية تقسيم تاريخها ثلاث فترات رئيسة، تبدأ الأولى بمبايعة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للأمير محمد بن سعود في عام 1744م، وتنتهي باستسلام الإمام عبد الله بن سعود لإبراهيم باشا في عام 1818م، وتُعرف هذه الفترة بـ”الدولة السعودية الأولى”.
أما الفترة الثانية فتبدأ مع نجاح الإمام تركي بن عبد الله في طرد جنود الحامية التابعة لمحمد علي من نجد في عام 1824م، وتنتهي بانتصار الأمير محمد بن رشيد على الإمام عبد الرحمن بن فيصل في عام 1891م، وتُعرف هذه الفترة بـ “الدولة السعودية الثانية”. هاتان الفترتان تشكلان محور البحث والدراسة في الجزء الأول من تاريخ المملكة العربية السعودية.
أما الفترة الثالثة، التي تبدأ باستيلاء عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على الرياض سنة 1902م، وتُعرف بالدولة السعودية الثالثة، فهي محور حديث الجزء الثاني من هذا الكتاب.
مؤلف كتاب تاريخ المملكة العربية السعودية: الجزء الأول
عبد الله الصالح العثيمين: مؤرخ سعودي وُلد عام 1355هـ الموافق 1936م في عنيزة بالمملكة العربية السعودية حيث تلقى تعليمه الأولي، تخرج في قسم التاريخ بجامعة الملك سعود بالرياض، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة أدنبرة سنة 1972م، وعمل في جامعة الملك سعود عضوًا في هيئة التدريس بقسم التاريخ، وأمضى شطرًا كبيرًا من حياته في السلك الأكاديمي حتى وافته المنية سنة 1347هـ الموافق 2016م، وصُلي عليه في مسجد الراجحي.
اهتم -رحمه الله- بالأدب والتاريخ وله فيهما عدة مؤلفات منها:
عودة الغائب.
نشأة إمارة آل رشيد.
الشيخ محمد بن عبد الوهاب: حياته وفكره.