النزاع بين نَجْدَ وحَائِل
النزاع بين نَجْدَ وحَائِل
منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى اتخذت بريطانيا سياسة الموازنة بين أُمَراء الجزيرة العربية، فعندما علمت باستعداد ابن سُعود لمهاجمة حَائِل حاولت إجباره على التراجع عن ذلك، لأن مصالحها التِّجارية والاستراتيجية تقتضي الإبقاء على ابن رَشيد في المنطقة لحفظ التوازن السياسي، بل إنها خططت لتقديم الدعم إلى الشَّريف حُسَيْن من أجل ضم حَائِل والسيطرة على شمال الجزيرة العربية لتشكيل قوة تجابه قوة ابن سُعود للحد من تزايد نفوذه .
ولكن منذ أواخر عام ١٩١٩ تحول الموقف السياسي للمنطقة لصالح ابن سُعود، عندما أعلن شيوخ حَائِل تعاونهم معه لإعادة الاستقرار إليهم بعد تدهور أحوالهم بسبب ضعف ابن رَشيد، ما جعل ابن سُعُود يرفض محاولات الصلح التي تقدم بها أمير حَائِل عام١٩٢٠، ثم تطورت الأمور عندما حدثت اضطرابات داخل الأسرة الحاكمة بعد مقتل أمير حَائِل ما جعل الحرب بينهم وبين نَجْدَ أمرًا حتميًّا، ففرض عليهم ابن سُعُود حصارًا اقتصاديًّا جعل السكان يثورون على الأمير الجديد، فاضطر إلى اللجوء للبريطانيين للتوسط في الصلح بينه وبين ابن سُعُود، ولكن ابن سُعُود اشترط عليه التنازل عن الحكم، ولما رفض أمير حَائِل أعلن ابن سُعُود الحرب عام ١٩٢١، ونجح في دخول المدينة ونُفِيَ آل رَشيد إلى الرياض ومن ثم أصبحت كل بلاد العرب الوُسْطَى تحت سيطرة ابن سُعُود.
وفي خِضَمّ هذه التطورات ظل كُوكس محافظًا على عَلاقات الصداقة مع ابن سعود كما أقنع بريطانيا بزيادة دعمهم له بسبب أهميته المتزايدة في الجزيرة العربية، وأن سيطرته على حَائِل لن تَضُر مصالح بريطانيا في الجزيرة العربية.
ويعتبر السبب الرئيس في قدرة ابن سُعُود على توسيع رقعة مُلكه وازدياد نفوذه في الجزيرة العربية هو سياسة توخي الحذر من الأجانب خصوصًا البريطانيين وعدم السماح لهم بالتدخل في شؤون بلاده، كما أنه حافظ على عادات العرب وتقاليدهم، ما ساعد على اجتذاب العشائر والقبائل للوقوف بجانبه وهذا ما ساعده بعد ذلك على إلحاق عَسِير والحِجَاز إلى مملكته.
الفكرة من كتاب بيرسي كوكس والسياسة البريطانية إزاء أُمراء نَجْد، الكُويت، الِحَجاز، حَائِل (١٩١٥ – ١٩٢٣)
يتحدث الكتاب عن التطورات السياسية في الجزيرة العربية منذ نشأة الدولة السعودية عام ١٩٠٢ وحتى عام ١٩٢٣، وكيف أثَّر ذلك في تغيُّر الخريطة السياسية لدول الجزيرة العربية، كما يسلط الضوء على السياسة البريطانية تجاه أمراء الجزيرة العربية الذين كانوا سلاحًا للحد من تزايد نفوذ الدولة العثمانية، فقد عملت بريطانيا على إيجاد حالة من الوِفاق بينهم لتتمكن من استمالتهم إلى جانبها في الحرب العالمية الأولى حتى تستطيع هزيمة الدولة العثمانية، وقد وَجَبَ على بريطانيا التدخل في عديد من المواقف للحد من الخلافات ووقف النزاعات بين الأمراء، من أجل توطيد نفوذها وحماية مصالحها في الخليج العربي والجزيرة العربية وكذلك لحفظ توازن القوى بين دول الجزيرة العربية.
مؤلف كتاب بيرسي كوكس والسياسة البريطانية إزاء أُمراء نَجْد، الكُويت، الِحَجاز، حَائِل (١٩١٥ – ١٩٢٣)
صبري فالح الحمدي: باحث سياسي وأستاذ في جامعة المستنصرية بالعراق، تولى رئاسة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، حصل على جائزة أفضل كتاب عام ٢٠١١، كما حصل على مرتبة العلماء عام ٢٠١٦، له عديد من المؤلفات والأبحاث العلمية، مثل:
الصراع الدولي في الخليج العربي.
أضواء على تاريخ البحرين الحديث.
أشراف الحجاز في القرن الثامن عشر.