النرجسية الفردية والاجتماعية
النرجسية الفردية والاجتماعية
يدرك الفرد ما حوله ضمن دائرتين: أنا والواقع أو ما ليس بأنا، وتقع النرجسية في الدائرة الأولى فقط وتشكِّل تصوُّراتها وسلوكياتها على أساس مركزية الفرد وبما يشعر، ومن علامات النرجسي الإعجاب بالذات والتحسُّس من النقد وقلة الاهتمام بالواقع والآخرين، وهناك مستوى حميد من النرجسية، وهو ما يوجَّه ناحية الإعجاب بالأعمال والإنجازات، وهو ما يدفع إلى المواصلة والتعاون مع الآخرين، ما يكبح جماح النفس، ومنها خبيث، وهو ما يوجَّه ناحية ما يمتلكه الفرد من أشياء مادية أو صفات جسدية مميزة له، وهو ما يزيد من انعزال النرجسي عن الواقع.
تعزل النرجسية الخبيثة والزائدة صاحبها عما حوله بتمثيله أنه العالم بأسره، وكل شيء يدور في فلك رغباته وممتلكاته وصفاته وطموحاته، وعندما يظهر ما يخترق هذا الدرع ويفسد الشعور بالأمان في العزلة يغضب النرجسي بشدة ويدفعه العنف إلى طريقتين لرد الفعل: الأولى موجَّهة ضد نفسه بزيادة حجمه ومركزيته في تصوُّره وإلى المزيد من النرجسية، والثانية موجهة ضد العالم بتوسيع دائرة من يعتقدون بمركزيته وأهميته، أي المؤمنين به، وتلك الطريقة يستخدمها المستبدُّون مثل هتلر وستالين الذين حاولوا تكييف الواقع مع تصوُّراتهم عن أنفسهم بتنصيبهم آلهة لها مؤمنون بها.
وعلى المستوى الاجتماعي تنتقل خصائص النرجسية إلى المجموعة ككل، فتفوق الفرد يصبح تفوُّقًا للعرق أو الأمة عن باقي الأمم والأعراق، وأيضًا لها مستوى حميد بناء على إنجازاتها، وآخر خبيث بالاستناد إلى تاريخها وما تتملَّكه، ولها وظيفة اجتماعية، وهي البقاء مع توازن الأطماع داخل المجموعة نفسها، وتزداد نرجسية الأفراد الضعفاء والفقراء في المجموعة كلما زادت ظروفهم سوءًا كتعويض عن النقص وتصبح القومية هي البديل عن الدين.
هناك عوامل تقلِّل من النرجسية الاجتماعية جزئيًّا، وهي: التقدُّم العلمي الذي تسهم فيه تيارات مختلفة من المجتمعات الإنسانية على اختلافاتها، والتطوُّر الذي حدث في الفكر الإنساني بدايةً من عصر الأنوار، وأيضًا وجود منظمات فوق قومية مشتركة مثل الأمم المتحدة، ولكن يجب توجيه جهود أكثر ناحية نزع السلاح وخلق غائية للحضارة الصناعية.
الفكرة من كتاب جوهر الإنسان
ما جوهر الإنسان؟ لطالما أرَّق هذا السؤال كل من له إنتاج معرفي، وانشغلت به الأديان والمذاهب الفلسفية والفكرية على اختلافاتها، محاولة تقديم إجابات تفسِّر عددًا كبيرًا من أفعاله وسلوكياته: هل هو جزء من الطبيعة الحتمية، أم مخلوق متجاوز لها يصارع بين الخير والشر؟ وماذا عن رغبته الشديدة في ممارسة العنف والتدمير، هل هي متأصلة جذريًّا أم أنها رد فعل على وضع ما؟ وهل هناك عوامل تغذِّيه، وإن وجدت فكيف نتحكَّم فيها لنغيِّر ذلك الوضع؟
بمثل هذه التساؤلات وغيرها ومحاولة “إريك فروم” الإجابة عنها، نرى تحليله لبعض الظواهر الإنسانية والاجتماعية.
مؤلف كتاب جوهر الإنسان
ترتكز أفكار فروم على انتقاد كلا الجانبين الرأسمالي والشيوعي بسبب نزعهما الصفة الإنسانية من الإنسان في طريقة رؤيتهما إياه، وقد طرح رؤية بديلة أثناء مشاركته في الحزب الاشتراكي الأمريكي، كما نقد العديد من نظريات فرويد في التحليل النفسي رغم إعجابه الكبير به.
ترتكز أفكار فروم على انتقاد كلا الجانبين الرأسمالي والشيوعي بسبب نزعهما الصفة الإنسانية من الإنسان في طريقة رؤيتهما إياه، وقد طرح رؤية بديلة أثناء مشاركته في الحزب الاشتراكي الأمريكي، كما نقد العديد من نظريات فرويد في التحليل النفسي رغم إعجابه الكبير به.
وتميَّز بأعماله التي تناقش الطبيعة الإنسانية في المجتمعات الصناعية الحديثة، ومنها: “المجتمع العاقل”، و”الهروب من الحرية”.
معلومات عن المترجم:
سلام خير بك: مترجم، وله العديد من الكتب المترجمة، من بينها: “حكمة التاو.. أصغ لجسدك”، لمؤلفيه: بيسونغ غاو، وأندرو بويل، و”عقل بلا حدود، تأليف: كريشنا مورتي، و”روح زن”، لآلان واتس، وغيرها.