النديم خطيب الثورة العرابية
النديم خطيب الثورة العرابية
عاد النديم إلى مسقط رأسه سنة ١٨٧٩ فوجد الأدب قد تحوَّل إلى التعبير عن مصالح الأمة وآلامها بعد أن أُُغرقت في الديون وزاد التدخل الأجنبي في شؤونها؛ وانخرط النديم في هذا الاتجاه ولفتت كتاباته الأنظار إليه، وأنشأ صحيفة “التبكيت والتنكيت” لنشر المقالات بالفصحى والعامية لنقد الحياة الاجتماعية والسياسية إلى جانب قصص ساخرة مثل قصة الداء الإفرنجي التي ترمز إلى التدخل الأجنبي وقصة “عربي تفرنج” التي تنتقد التقليد الأعمى للأوربيين، وقد انتشرت الجريدة انتشارًا باهرًا ووصلت إلى كل الفئات حتى الذين لا يقرؤون كان يسمعون قصصها.
ولما قامت الثورة العرابية كان النديم صحافيها وخطيبها؛ فأسس جريدة الطائف بدل التنكيت ونقل مقرها إلى القاهرة، فكانت لسان الثورة، وانتقدت نظام السُّخرة ودعت إلى الحكم النيابي، أما هو فكان يخطب في كل نادٍ ومجلسٍ حتى كان يخطب في حفلات الزفاف، فإذا سُئل مغنٍّ: أين سيغني؟ يقول في الحفلة الفلانية مع عبد الله النديم، وكان يخطب الألباب والمشاعر والحواس بلباقة حديثه وطلاقة لسانه وحسه المرهف واللغة الشعبية السهلة التي يفهمها الجميع، فكان خطيب العامة كما كان الأفغاني خطيب الخاصة.
لما فشلت الثورة العرابية وأصبح النديم مطلوبًا اختفى لعشر سنوات كاملة دون أن تستطيع السلطات الإمساك به حتى رصدوا ألف جنيه مكافأة لمن يعثر عليه، ووعيد شديد لمن يأويه.. وقد أظهر مهارات فائقة في التخفي فمرة شيخ يمني ومرة شيخ مغربي ومرة فيومي ومرة شيخ طريقة صوفي، ويتنكَّر بلباس مخصوص تناسب البلد التي يدعي الانتساب إليها ويتكلم بلغتهم في إتقان مدهش، ومرة استعان بصديق له فرنسي ليشيع نبأ هروبه إلى إيطاليا فخفَّ الطلب عليه، ولما تولى عباس الحكم عفا عنه فأسَّس جريدة “الأستاذ” ليواصل جهاده في نقد العيوب ومقاومة المحتل.
الفكرة من كتاب من زعماء الإصلاح
هذا عرض سريع لحياة أربعة من الرجال المجددين، كان لجهودهم صدًى واسع وأثر عميق في نقل مجتمعهم نقلات جذرية، فمن تصفية العقيدة ودحض البدعة بفضل محمد بن عبد الوهاب، إلى نهضة تعليمية كبيرة على يد علي مبارك، إلى خطيب الثورة العرابية ومجدد الأدب عبد الله النديم، ثم تنبيه من الكواكبي عن طبائع المستبدين وأحوال البلاد والعباد.
مؤلف كتاب من زعماء الإصلاح
أحمد أمين: وُلد في حي المنشية بالقاهرة عام ١٨٨٦، وتُوفي عام ١٩٠٤، وتدرَّج في التعليم من الكتَّاب إلى الأزهر إلى مدرسة القضاء الشرعي، وعُيِّن لنبوغه مدرسًا بها في سن مبكرة ثم عمل قاضيًا في عدة محاكم شرعية، ثم اختاره طه حسين للتدريس في كلية الآداب وحصل منها على شهادة دكتوراه فخرية، وكان ميَّالًا إلى الإضافة والتجديد ويرفض الجمود والتصلب.
من مؤلفاته:
– سلسلة موسوعة التاريخ الإسلامي.
– سلسلة فيض الخاطر.