الميكانزمات المحتملة للحرمان
الميكانزمات المحتملة للحرمان
عندما تتفكك رابطة التعلُّق دون أن يكون هناك حرمان من التنبيهات، وهو ما يحدث عند فقد الطفل لأحد والديه بالوفاة المفاجئة أو الطلاق المفاجئ مع بقائه في بيئته الغنية بالتنبيهات مع بقية الأسرة، فإن الطفل لن يعاني قصورًا في النمو العقلي أو المعرفي، بينما لُوحظ تأخر في النمو العقلي والمعرفي للطفل إذا كانت وفاة أحد الوالدين بسبب مرض مزمن أو بسبب طلاق سبقه نزاعات وخلافات، ما يعني أن تفكك الروابط أو العلاقات ليس هو السبب الرئيس، بل الحرمان من التنبيهات، وهو ما أظهرته النتائج، فعندما أُتيحت للأطفال المتأخرين عقليًّا رعاية جيدة غنية بالتنبيهات، أدى ذلك إلى زيادة في النمو اللفظي، كما كان له أثر جيد في نموهم المعرفي.
ترجع “القَزَمِيَّة” وهي قِصر القامة الشديد، إلى وجود خلل في وظائف الغدد الصماء، أو فقدان الشهية، أو سوء التغذية، أو عدم كفاية الطعام، أو سوء امتصاص الأمعاء للغذاء، وعند دراسة مجموعة من الأطفال الذين يعانون القزمية، وُجِدَ أنهم يتناولون الطعام والشراب بكميات كبيرة ولا يعود ذلك على نموهم الجسمي، وعند إدخالهم مستشفيات تتميز بالرعاية الجيدة لوحظت زيادة نموهم ووزنهم، إلى جانب زوال الأعراض السابقة، فتبين أنهم يُعانون “قزمية الحرمان” الناتجة عن الحرمان الانفعالي والنفسي لمدة كبيرة، ما أثَّر في وظائف الأمعاء، ومن ثم سوء امتصاص الطعام، فتحسُّن هؤلاء الأطفال كان مرهونًا بمعالجة الاضطرابات الانفعالية التي يعانونها.
وتبيّن الدراسات أن الفشل في إقامة روابط تعلُّق يختلف عن تفكك رابطة تعلُّق كانت قائمة بالفعل، فالأطفال الذين كانت لديهم فرصة إقامة روابط تعلُّق قبل إلحاقهم بمؤسسات الرعاية، يتمتعون بالتوافق والاستقرار الانفعالي، بينما الأطفال الذين لم يحظوا بهذه الفرصة قبل إلحاقهم بمؤسسات الرعاية، كانوا يعانون سوء التوافق وعدم الاستقرار الانفعالي، لذا يكون من الملاحظ على الأطفال -الذين يفشلون في تكوين علاقات تعلَّق في المراحل المبكرة من الطفولة- العمل دائمًا على جذب الانتباه، والصداقة دون تمييز، وشدة الرغبة في الحصول على الحب، وعدم الالتزام بالقواعد، وانعدام الشعور بالذنب وهو ما يجعلهم أشخاصًا عديمي المشاعر أو سيكوباتيين.
كما لُوحظ أن الأطفال الذين يقيمون علاقات تعلُّق بأشخاص من الجنس نفسه فقط، يعانون صعوبة إقامة علاقات بالجنس الآخر ما يؤثر في نموهم النفسي الجنسي، ومن ثمَّ ميولهم الجنسية، لذا لا بد من أجل النمو السليم للطفل أن يقيم علاقات تعلُّق مع أشخاص من كلا الجنسين.
الفكرة من كتاب الحرمان من الأم
يتحدث المؤلف في هذا الكتاب عن خصائص الرعاية اللازمة التي يجب أن تقدمها الأم إلى أطفالها من أجل أن ينموا نموًّا صحيًّا طبيعيًّا، كما يُبين على صعيد آخر آثار حرمان الأطفال من الأم على المدى القصير والبعيد، الظاهر منها والخفي، وما يترتب على ذلك من أضرار تصيب نمو الأطفال على جميع المستويات النفسية والاجتماعية والمعرفية والجسمية، ويوضح أن دور الأم في حياة الطفل في ما يتعلق بصحته النفسية لا يقل أهمية عن دور الفيتامينات والبروتينات والمعادن بالنسبة إلى صحته الجسدية.
مؤلف كتاب الحرمان من الأم
مايكل رتر: هو طبيب نفسي، ومن أبرز أساتذة الطب النفسي للأطفال في العالم، تخرج في كلية الطب بجامعة برمنجهام، ويُعد من الباحثين المتخصصين وذوي الخبرة العالية في مجاله، ويوصف بأنه “أب علم نفس الطفل”، أصبح عضوًا بمركز الدراسات العليا المتخصصة للعلوم السلوكية بجامعة ستانفورد بكاليفورنيا، وعمل استشاريًّا وطبيبًا نفسيًّا في مستشفى مودسلي منذ عام 1966 حتى تقاعده عام 2021، حصل على جائزة جوزيف زوبين عام 2003، وله نحو 400 ورقة بحثية، و40 كاتبًا، من كتبه:
The Qualities Of Mathering.
Developmental Psychiatry.
Genes and Behavior.
Developing Minds.
Antisocial Behavior By Young People.
مقدمة في علم النفس.
الإرشاد النفسي.. منظور إنمائي.
نظريات الشخصية.
علم النفس الاجتماعي.. أنت وأنا والآخرون.
ترجماتها:
أسس التعليم في الطفولة المبكرة.