الموسيقى التي تهدِّد أطفالنا
الموسيقى التي تهدِّد أطفالنا
من المُمكن أن تفهم جيدًا طبيعة أفكار المُراهقين من خلال الموسيقى المنتشرة بينهم، فمن الملاحظ أن الموسيقى الشعبية الصاخبة، وموسيقى الهيب هوب، والراب، هي الأكثر حضورًا وسط الأجيال الجديدة، وفي الغالب تكون هذه الموسيقى مُنحطَّة، وأكثر سوداوية وخشونة من الروك القديم، فموضوعاتها في الغالب تدور حول العنف، والانتحار، والاستغلال الجنسي، والاعتداء على الأطفال، وكره النساء. فإننا في التعامل مع موسيقى المراهقين أمام شيئين: ما تفعله هذه الموسيقى فيهم، وما تقوله تلك الموسيقى عنهم.
إن موسيقى اليوم يمكننا أن نسميها “موسيقى الهجر”، والسمة الأساسية التي تتميَّز بها هي الخلل الأسري، وغياب الأب، والأذى الشديد، ولنبدأ مثلًا بالموسيقى المنتشرة بين المراهقين البيض مثل فرقة “نو.ميتال” نجد أن المغنين هم أطفال طلاق كما عرَّفوا أنفسهم، حتى أغانيهم تعود دومًا على “التمزُّق الأوَّل”، وهناك العديد من الفرق الأخرى التي تدور أغانيهم على شعور الطفل الذي تُرِك في الخلف ويشعر أنه هُجر وتمَّت خيانته.
وهذه العواطف قوية جدًّا، وبالتالي فهي تُثير الكثير من الأحزان في نفوس سامعيها، وتجعلهم في حالة من الانسياق وراء كلماتها والتي تؤدي إلى طريق غير جيد أبدًا بالنسبة للأطفال.
وبسبب وسائل صناعة التسلية في أمريكا انتشر الجنس بين المراهقين بشكل كبير، وذلك مما أدى إلى انتشار الأمراض بشكل مخيف، بالإضافة إلى ارتفاع نسب الإجهاض، وهذا يسهل جدًّا في غياب الأبوين، سواء في منازل الأصدقاء، أو في الحفلات، أو المخيمات وغيرها.
وقد يتعرَّض الكثير من المراهقين للاكتئاب ونوبات الذعر بسبب مشاهدة صور خليعة من الصعب أن يدركها عقله، وقد ذكر الدكتور ميج ميكر أن المراهقين في سن الثانية والثالثة عشرة يمارسون الجنس الافتراضي قبل أن يمارسوا الجنس الحقيقي، وذلك لغياب إشراف الراشدين على المحتوى الذي يتعرَّض له الطفل، وبغياب الراشدين الحامين لحياة الأطفال زاد الاستغلال الجنسي لهم.
الفكرة من كتاب وحيدًا في المنزل
الناظر إلى المجتمع الأمريكي يرى أن الأفراد قد نالوا الحرية في كل شيء، فصارت الخيارات الشخصية مُقدَّمة على غيرها، وقد يعتقد الكثير أنه “نعم” هذا هو المطلوب، وأنه أمر جيِّد، ولكن كانت هذه الحرية المفتوحة كابوسًا جديدًا على عدد كبير من أطفال أمريكا.
تأخذ الأم قرار العمل خارج المنزل، فتترك طفلها في أحد الحضانات أو دور الرعاية حتى ينتهي دوامها، وقد يبدو مشهدًا عاديًّا إذا ما نظرنا إلى قرار تلك الأم وحدها فقط، لكن ماذا عن تراكم ملايين القرارات المشابهة من عدد كبير من الأمهات؟ وما أثرها في الأطفال والمراهقين؟ وما أثرها في السلوك المجتمعي؟ فالكثير ينظر إلى مسألة عمل الأم أو غياب الأب بشكل قاصر على حالة فردية، لكنه ينسى الكارثة المجتمعية الحاصلة.
في هذا الكتاب تكشف لنا الكاتبة من خلال دراسات وإحصائيات وظواهر مجتمعية يعيشها المجتمع الأمريكي مدى أثر هذه القرارات، وكيف تأثَّر المجتمع الأمريكي بهذا الأسلوب في حياة الأسرة.
مؤلف كتاب وحيدًا في المنزل
ماري إبرستاد: باحثة وكاتبة أمريكية الجنسية، وهي زوجة وأم لأربعة أطفال، تعمل في منزلها باحثة لمؤسسة هوفر بجامعة ستانفورد، وهي أيضًا مستشارة تحرير “مجلة بوليسي” ريفيو، نُشر لها عدد من المقالات ومراجعات الكُتب في عدد من المجلات والصحف مثل “تايم”، و”وول ستريت جورنال”، و”ويكلي ستاندرد”.
من مؤلفاتها:
How the West Really Lost God: A New Theory of Secularization.
Primal Screams: How the Sexual Revolution Created Identity Politics.
معلومات عن المترجم
أسامة إسبر: سوري الجنسية، وُلِد عام 1963، وهو شاعر وصحفي ومترجم، صدر له مجموعات شعرية وقصصية، وترجم عددًا من الكُتب منها: “أحلام آينشتاين” لآلن لايتمان، و”نشأة النظام الأبوي” لغيردا ليرنر.