الموت العظيم
الموت العظيم
كان يموت بالحصبة في ذروتها أكثر من خمسة آلاف شخص في اليوم، وهي تشبه الجدري، ولم يستطع الأطباء حينها التفريق بينهما، وعرفوا أن السبب في حدوثها هو فيروس ينتقل عبر الجهاز التنفسي، وظل هذا المرض يشكل خطرًا شديدًا من عام 251 ميلاديًّا حتى عام 260.
وعلى الرغم من أهمية الجدري والحصبة في التاريخ الطبيعي للأمراض المعدية، فإن تلك الأهمية لا تساوي شيئًا مقارنةً بما حدث في عام 541 ميلاديًّا، حيث ظهر مرض وبائي ناشئ يدعى “الطاعون” وهو من سلسلة معقَّدة لسلالات بكتيرية تسمَّى “وباء يرسين”- نسبة إلى مكتشفها الأول الطبيب الفرنسي السويسري ألكسندر يرسين- وعلى الرغم من اختلاف سُمِّيته، فإنه يعدُّ مميتًا على نحو كبير، وعلى الرغم من حدته، فقد كان وجوده من الناحية التاريخية أهم بكثير من حدته، حيث إنه لم يأتِ منفردًا، وإنما جاء كجزء من جائحة طاعونية، تتوالى فيها الطواعين بمسافات زمنية تتراوح بين عامين وعشرين عامًا، وتقوم بدورها ككابح سكاني منظم.
وتعدُّ القوارض مُهيَّأة لتكون حاملة لجراثيم الطاعون، وبخاصة الفئران، فهي تعيش قريبة من البشر لتحصل على ما تتغذَّى عليه خلسة، مختبأة في جحور تحت الأرض أو في زوايا الأماكن المرتفعة، وعندما تصاب بعصيات الطاعون تصبح “مستودعات” للميكروب الذي يعيش في جسمها مدة طويلة، وحتى بعد هلاك هذه الفئران تستطيع بكتيريا الطاعون أن تعيش في رطوبة وظلمة جحورها حتى يأتي قارض جديد فتغزوه وتحوله إلى مستودع جديد لها تعاود منه مسيرتها التدميرية، أما الفئران المحتضرة بغزو عصيات الطاعون لرئتيها وجهازها العصبي فإنها تخرج من جحورها مترنحة ترقص في الشوارع وباحات البيوت رقصة موت سكران ثم تسقط منقلبة ميتة، وقد تكون هذه الرقصة السَكْرَى للفئران فى الشوارع نذير الشؤم بحلول الطاعون، أما البراغيث التي تدرك أن مُعيلها من الفئران يوشك على الموت، أو يموت بالفعل، فإنها تفر هاربة من جسمه وتبحث عن عائل جديد غالبًا ما يكون الإنسان!
وهناك ثلاثة أنواع معروفة من الطاعون وهي: الرئوي والتعفني والدُمَّلي، فإن الأخير هو أكثرها انتشارًا وتسبيبًا للجوائح، وفترة حضانته (من بدء العدوى حتى ظهور الأعراض) نحو ستة أيام، ويعدُّ الطاعون الرئوي أخطر أنواع الطاعون، إذ تنتقل عدواه عن طريق استنشاق الرذاذ المعدي في أثناء العطس والكحة من إنسان مصاب بالعدوى إلى إنسان آخر على نحو مباشر.
الفكرة من كتاب الموت الأسود
الموت الأسود أو الموت العظيم سلسلة من الطواعين الدُّملية والرئوية والتعفُّنية التي اجتاحت العالم الغربي، فقضت على ما يقرب من ربع سكانه إلى نصفهم، وكانت السبب في متغيِّرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وتملَّك الناس خوف وحيرة من وباء يصعب تفسيره، ولا يتوافر علاج ناجع له.. من مداخل متعدِّدة تاريخية واجتماعية وفلسفية وطبية، يتناول هذا الكتاب موضوع الموت الأسود.
مؤلف كتاب الموت الأسود
روبرت ستيفن جوتفريد Robert Steven Gottfried: كاتب، وكان منشئ منازل أمريكيًّا ومطورًا ورجل أعمال عقاريًّا.
له العديد من المؤلفات، ومنها:
– Doctors and Medicine in medieval England.
– Bury st. Edmunds and the urban crisis.