الموت!
الموت!
حاول الإنسان جهده على مر التاريخ لاختراع إكسير الحياة الذي سيعصمه من الموت ولكن الهروب مُحال، إذ إنَّ سلوكنا تجاه الموت متناقض؛ فنسلِّم به ولا ننكره لكن نمقته ونكره ذكر سيرته أو نتناساه ونتلهَّى عنه بالانشغال بالحياة الدنيا، ونتعامل معه على أنه مسألة مؤجَّلة رغم أننا لا نعرف متى سيَحل؛ ولعلَّ هذا بعض مظاهر القلق من الموت.
للموت قوة تدميرية وإبداعية معًا، وقد أبدع الإنسان أعمالًا تعزى إلى خوفه من الموت، والصراع مع الموت يُعدُّه بعض علماء النفس المصدر الأساسي لكل قلق إنساني.
كلُّ إنسانٍ يخاف الموت بدرجة ما، وهو خوف طبيعي غير منكور، والمبرِّرات له عديدة؛ منها ما يتعلَّق بدين المرء وخوفه من الحساب في الآخرة، ومنها الفزع من المجهول المنتظر المجهول بعده، ومنها الرعب من ألم نزع الروح، والخشية على الأولاد، وكراهية مفارقة الأحباب، وعدم تحقيق الأحلام.
كُلِّف الفلاسفة قديمًا وحديثًا بالموت، والموت قضية جوهرية في جميع الشرائع السماوية وغير السماوية، واهتم علماء الأحياء أيضًا بتعريف الحياة والموت؛ فالموت نقيض الحياة ومرادف العدم بالنسبة للجسم، والحياة -كما يعرفها بتشا- هي مجموعة الوظائف التي تقاوم الموت، ويعرفها كلود برنار بتعريف مثير هو أن الحياة هي الموت! يقصد أن عمليات الاحتراق الداخلي في الجسم التي تحفظ حياته هي نفسها السبع الذي يفترسه، ووضع بعض البيولوجيين معايير لتقدير العمر الافتراضي المتوقَّع للفرد. أما علم النفس فقد درس الموت في خِضَم الجدل في العلاقة بين العقل والجسم، وعلى المستوى السلوكي الناشئ عن الوعي بالحياة والموت، ويختصُّ علم النفس الإكلينيكي بتأهيل الأفراد الذين فقدوا حميمًا للعودة إلى حياتهم الطبيعية ومعالجة اضطرابات ما بعد الصدمة.
الفكرة من كتاب قلق الموت
الموت هو الحقيقة التي لا ينكرها أحد، على اختلاف مذاهب الناس ومشاربهم، وكل إنسان ينظر إلى الموت ويتعامل معه بطريقته الخاصة بحسب عقيدته وأفكاره وسلوكه والبيئة المحيطة به، والخوف من الموت أمر غريزي له فوائد، لكن عندما يتخطَّى الحد الطبيعي له يمنع المرء عن العمل في الحياة والاستمتاع بها، ويجعله عرضة للأمراض النفسية والاكتئاب، ورغم أهمية ذلك الموضوع وجدارته بالبحث والتحليل فإنَّ مكتبتنا العربية جدُّ فقيرة فيه.
مؤلف كتاب قلق الموت
الدكتور أحمد محمد عبد الخالق: أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وعضو الجمعية المصرية للدراسات النفسية وعضو الجمعية النفسية الأمريكية، وُلِد بالقاهرة عام ١٩٤٣، وعمل سابقًا في جامعات الأزهر وبيروت والملك سعود، وأشرف على تحرير سلسلة متخصِّصة بعنوان “بحوث في السلوك والشخصية” في ثلاثة مجلدات.
من مؤلفاته:
الاستخبارات الشخصية.
الأبعاد الأساسية للشخصية.