المواقف الوجودية
المواقف الوجودية
يرى أصحاب هذه المواقف أن الوجود هو كل وجود ذاتي حر، ومن ثم فإنه ليس هناك مع هذا الوجود الحر حتميات تتحكَّم فيما يجب على الإنسان فعله والتحلِّي به.
أما عن رواد هذا الفكر فمن أهمهم نيتشه وسارتر.
يرى نيتشه أن الوجود يتمثَّل في الحياة التي نحياها وليس هناك بعدها أي وجود، ولا سبيل للتحلِّي بالقيمة دون الترقِّي من أخلاق العبيد إلى أخلاق الإنسان الأعلى، ولا يتم ذلك إلا بهدم الأصنام الأربعة:
أول تلك الأصنام هو صنم الفلسفة الأكبر وهو العقل، فما يخترعه العقل ما هو إلا أوهام ضرورية لبقائه يفرضها على الوجود.
أمَّا الصنم الثاني فهو صنم الزعم بوجود عالم للحقائق، فهذا الزعم ما هو إلا ازدراء للحياة وسعي لوجود حياة أخرى مغايره أفضل منها.
أمَّا عن الصنم الثالث فهو صنم الأخلاق الذي يرد القيم إلى مصدر آخر مغاير للإنسان، دون الاعتراف بأن الاحتكام إلى هذه القيم لا يكون إلا نوعًا من الهروب.
وأخيرًا الصنم الرابع ألا وهو صنم الدين، وهو ما يتمثَّل في الإله، في حين يرى نيتشه أن الله قد مات ونحن من دفناه، على حد قوله.
أما الرائد الآخر لهذه المدرسة فهو سارتر، ويرى سارتر أيضًا أنه لا وجود للإله، ووظيفة الإله لا بد أن يشغلها الإنسان.
وإذا كان شغل الإنسان لها عند نيتشه بتحطيم الأصنام، فإنه عند سارتر ببناء منهج فلسفي يحيا به.
وأول أُسس هذا المنهج أنه لا قدرة لدى الإنسان لنفي الحرية القائمة في نفسه، ولا سبيل للإنسان للهروب من ذلك حتى ولو أراد الانتحار ومفارقة الحياة لأن ذلك نوع اختيارٍ أيضًا.
أما عن الشريك الملاصق لهذه الحرية فهو القلق الوجودي، وقد يتقبَّل الإنسان هذا القلق الذي لا مفرَّ منه ويتعايش معه، وقد يلجأ إلى خداع نفسه والهروب.
الفكرة من كتاب نظرية القيم في الفكر المعاصر
في ظلِّ هذا الكون الفسيح يتقاسم الإنسان إحساسًا بضآلته داخل هذا الكون، ويشعر بكونه ملقًى في الهواء لا يجد ما يتمسَّك به، ومع ذلك يراوده إدراك بأن له دورًا في هذا الكون ليقوم به، فلا يملك هذا الإنسان إلا أن يتمسَّك بشعاع النور، وهو القيَم لعلَّه يجد ما يحيا من أجله في هذا الكون.
فماذا تعني هذه القيم؟ وماذا كانت آراء من قاموا بتفسير طبيعة القيم والمسائل التي تتعلَّق بها قديمًا وحديثًا؟ وهل القيم من صنع البشر أم أن وجودها يأتي من خارج هذا العالم؟ وهل القيم مجرد وسيلة إلى غاية أعظم منها أم أنها غاية تُطلَب لذاتها؟
ومن خلال آراء من قام بمحاولة الإجابة على هذه التساؤلات، سنجد من يغوص داخل النفس الإنسانية باعتبارها محلًّا للقيم، ومن يبحث في المجتمعات باعتبارها موضع أثر هذه القيم، ومن يبحث في الطبيعة باعتبار كون الإنسان جزءًا منها، ومن يبحث فيما وراء الطبيعة بحثًا عن معانٍ لا تدرك بالحواس، وإنما تدرك بالعقل والفكر.
يُحدِّثنا الكتاب حول طبيعة القيمة، والمواقف والآراء المختلفة التي قيلت فيها، ويجيب في النهاية عن بعض الأسئلة المهمة التي تتعلَّق بموضوع القيمة.
مؤلف كتاب نظرية القيم في الفكر المعاصر
صلاح قنصوة: مفكر وفيلسوف مصري، ولد في القاهرة عام 1936م، حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة القاهرة، وعمل رئيسًا لقسم الفلسفة في جامعة الزقازيق، كما حصل على دكتوراه في مناهج البحث من دولة النرويج.
أعطى اهتمامه الأكبر في مؤلفاته إلى علم الفلسفة، ويعدُّ الكتاب الذي في أيدينا من أهم الكتب التي ألَّفها، وله عدة مؤلفات أخرى مثل: “كتاب فلسفة العلم”، و”اغتراب العلم”، و”في فلسفة الفن”، و”العلم والدين وأسلمة العلم”، إلى غير ذلك من المؤلفات الفلسفية الأخرى.