المواد المغيرة للحالة المزاجية

المواد المغيرة للحالة المزاجية
نعرف جميعًا أن المواد التي يستخدمها المدمن اسمها المخدِّرات، لكن هل “المخدِّرات” تسمية دقيقة؟ في الحقيقة توجد تسمية أكثر دقة هي “المواد المغيرة للمزاج”، فليست كل المواد تسبب الخدر وانعدام الإحساس، بل إن بعضها يؤدي إلى زيادة النشاط واليقظة، وبعضها الآخر يسبب الهلوسة. وتُقسم المواد المغيرة للمزاج مجموعات كالتالي: الكحول، والكافيين، والقِنَّب، والمهلوسات، والمتطايرات، والأفيونات، والمهدئات، والتبغ، ومواد أخرى مثل الستروكس و”التروبيكامايد | Tropicamide” أو القطرة.

وفي ما يلي سنتناول كل مادة بشيء من التفصيل، وبدايتنا مع الكحول الذي يتسبب في شعور بالنشوة وزيادة الطاقة في المرحلة الأولى من الشرب، أي من اثنين إلى أربع وحدات للفرد الطبيعي، ثم تظهر علامات الاكتئاب وفقدان التحكم والوعي مع الزيادة على هذا القدر من الوحدات، وتوجد مضاعفات كثيرة ناتجة عن إدمان الكحول، منها تليف الكبد وتشمعه، وصولًا إلى سرطان الكبد، وزيادة جلطات القلب، ومشكلات الكلى، والتهاب الأعصاب الطرفية، وفقدان الذاكرة، وعلى المستوى النفسي يؤدي إلى الاكتئاب وكثرة الضلالات والهواجس، ومن أخطر المضاعفات التي يسببها الكحول شلل العصب البصري، وفقدان البصر بسبب إضافة الكحول الأحمر إلى الخمور المغشوشة، وتصاحب التوقفَ عن الكحول أعراضٌ انسحابية قوية جدًّا تستمر من أسبوع إلى عشرة أيام، وتتضمن الرعشة ونوبات صرعية وتشنجات وهلاوس واضطرابات في النوم وفقدان الشهية.
بعد الكحول ننتقل إلى الكافيين، وإذا كنت من مستخدمي الكافيين فاطمئن؛ أنت لست مدمنًا، بل إن للكافيين تأثيرات مفيدة، لكن هذه الفائدة مشروطة بالقدر الذي تتناوله، وتعد الجرعة المناسبة من الكافيين 400 ملليجرام في اليوم، والزيادة على هذه الجرعة تصحبها أضرار عدة كالعصبية، والتوتر، والصداع، وزيادة ضربات القلب، والقيء، والغثيان، وحموضة المعدة، ولعلك تتساءل.. متى يُشخص الفرد على أنه مدمن كافيين؟ والإجابة إن اضطرابات استخدام الكافيين تُشخص عند تجاوز الجرعة المناسبة، وحدوث أعراض جانبية، وفقدان السيطرة على تناول الكافيين، والانشغال الزائد به إلى آخره من معايير تشخيص الإدمان.
ومن الكافيين إلى القِنَّبيَّات، والقِنَّبيَّات مواد كيميائية تُستخرج من نبات القِنَّب الهندي والقِنَّب “الساتيفي | Sativa”، وهي أكثر المواد غير القانونية استخدامًا في مصر والعالم، ومن أشكالها الحشيش والبانجو والماريجوانا، وتؤثر القِنَّبيَّات في مستقبلات القِنَّب في المخ والجهاز العصبي، ولها أثر مثبط مهدئ مع حدوث اضطراب في تقدير المسافة والزمن، وبطء الكلام والحركة، واحمرار العين، وجفاف الفم، وللقِنَّبيَّات مضاعفات كثيرة، منها حوادث السيارات نتيجة سوء تقدير المسافات، وتدهور الذكاء العقلي والاجتماعي، والإصابة بالضلالات والهلاوس.
الفكرة من كتاب المخدرات والإدمانات الأخرى.. ما هي؟ وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
المخدِّرات! هذه الكلمة المخيفة التي لا ننطقها في سلام أبدًا، إنها ليست مجرد حروف يرتص بعضها بجوار بعض لتكوّن كلمة، وإنما هي سلاسل وأغلال وسعير تجتمع لتصبح سجنًا أشبه بالجحيم، لنترك مخاوفنا وتخيلاتنا ونذهب إلى العلم ونسأله.. لماذا لا ننطق الكلمة في سلام؟ وماذا تكون المخدِّرات وغيرها من الإدمانات؟ أهي فقط مواد كيميائية أم تمتد إلى أكثر من ذلك؟ ولماذا يلجأ إليها البعض ويلقي بنفسه في التهلكة؟ وما الذي يلقاه المدمن في نهاية إدمانه؟ دعونا نرَ هل الحقائق العلمية مخيفة كما في خيالنا أم سنعرف أشياء مغايرة!
مؤلف كتاب المخدرات والإدمانات الأخرى.. ما هي؟ وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
د. إيهاب الخراط: استشاري الطب النفسي، تخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1982، وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة «كنت» بإنجلترا، وهو مؤسس مؤسسة الحرية لعلاج الإدمان وإعادة التأهيل ومديرها، وتضم المؤسسة 38 مركزًا علاجيًّا وتأهيليًّا، بالإضافة إلى كونه الرئيس السابق للتجمع العالمي للتعامل مع التعاطي والإدمان الذي يضم أعضاءً من 75 دولة.
من أعماله:
التعافي من الإدمان.. أساسيات المشورة وإعادة التأهيل.