المنطق والفلسفة
المنطق والفلسفة
إن المنطق هو العلم الذي يجمع الأُسُس التي نستعين بها في التفكير والحُكم على الأمور وهو عكس الجدل، فالمنطق هو البحث عن الحقيقة والصواب، لكن الجدل لا يهمه إلَّا غلبة الرأي والإقناع سواء أكان صائبًا أم لا.
وللجدل أعراضه كإغراء الناس بقشور الأمور دون الجوهر، وإثارة البُغض بهدف غلبة الرأي، وإشاعة الخلاف لإحداث الانقسام بين الناس، وظهرت آفة الجدل تلك في الأمم الأوروبية، ثم انتقلت إلى الأمم الإسلامية فعانوا أكثر من سابقيهم، وقد حارب علماء المسلمين آنذاك تلك الآفة بالتحريم ومنع الاشتغال فيه، وظهر في ذلك كبار علماء الإسلام كالغزالي الذي رأى وُجوب البحث في أمور الفلسفة والمنطق على الوجه الصحيح، وشابهه ابن تيمية الذي رأى أن المنطق فطرة في العقل الإنساني، فالمنطق مقيد بالعقل، وليس العقل مُقيدًا بالمنطق.
أما عن الفلسفة فهي التي يُراد بها البحث في النظريات والأفكار التي تقوم عليها العلوم وتُفسرها، وقد رأى الكاتب أن الأعمَّ والأشمل تفسيرًا هو ذلك الذي يقتضي البحث عن لُب الأمر، مما يجعله يُسمى بالبحث في جوهر الوجود كله.
وقد شاعت الفلسفة في أممٍ وقلَّت في أُخرى، وذلك لا علاقة له بالحضارة والتقدم، فلم تصل الحضارة الفرعونية كما وصلت الحضارة اليونانية فسلفيًّا، ورُبَّما السبب هو سيطرة السلطة وخصوصًا السلطة الدينية.
ويذكر العقاد أدلّته أنَّ دولة الإسلام كانت أرحب الدول صدرًا وأسمحها فكرًا بالفلسفات عامةً، فنجد ابن رُشد الذي تعمَّق فيها وتحدث عن أربع مسائل وهي قدم العالم، وعلم الله بالجزئيات، وصفات الله، وخلود النفس بعد الموت، واهتدى ببحثه إلى إيمانه بالروح، وهذا يجعلنا نُدرك أن عقيدة الإسلام لم تضِق بالفلسفة، بل رحَّبت بها ما لم يكن فيها ما هو ضرر على الشريعة أو سلامة الجماعة.
الفركرة من كتاب التفكير فريضة إسلامية
يتطرق الكتاب إلى العديد من الموضوعات الجوهرية التي أثارت جدلًا عند الكثير من المسلمين، ويُسلط الضوء عليها، وقد يُخيَّل إلى قارئ العنوان أنها موضوعات منطقية بها الكثير من التنظير، إلا أنها تجعل قارئها يزداد معرفة ترفع من بصيرتِه وفكرِه، ويوضح لنا “العقَّاد” علاقة الدين بكل أمور الحياة وعلاقة التفكير بالدين، ذلك التفكير الذي يقودنا إلى دربٍ من دروب الفلسفة والمنطق، وموقف الإسلام منهما ومن العلم والمذاهب الاجتماعية الحديثة، وكذلك العرف والعادات.
مؤلف كتاب التفكير فريضة إسلامية
عباس محمود العقاد (1989 – 1964)، أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية.
ويُعد من أهم كُتَّاب القرن العشرين في مصر، حيث ألَّف العديد من الأعمال فاقت المئة كتاب في شتى المجالات، أشهرها:
سلسلة العبقريات.
الفلسفة القرآنية.
أثر العرب في الحضارة الأوروبية.
حياة قلم.