المناطق المشتركة
المناطق المشتركة
ينتظم العالم اليوم وفق قطعٍ من الجغرافيا اليابسة المختلفة الأحجام تخضع كلٌّ منها لسيادة إحدى الدول، ربما تكون تلك هي القاعدة العامة في الشأن الدولي المعاصر غير أن هناك بعض المناطق تعدُّ شذوذًا على تلك القاعدة كالمناطق القطبية والمحيطات وأعالي البحار والفضاء الخارجي، ويعني ذلك وجود ثمة مناطق لا تخضع لاعتبارات القوانين القومية أو السيادة المحلية لدولة دون أخرى، وإنما تتم إدارتها وفق أنظمة التعاون الدولي المشترك من أجل الصالح العام، وبسبب هذه المصطلحات المطاطة لم توجد إلى الآن وثائق ملزِمة تبين الحقوق والواجبات تجاه تلك المناطق العالمية المشتركة، مما سيشكِّل نوعًا من الاستنزاف لمواردها المحدودة مستقبلًا.
وفي ظل عالم يقوم على قانون الغاب ومبدأ البقاء للأقوى في ظل عالم مستباحٍ للجميع، تصبح الغلبة إذًا للدول الأقوى في الاستئثار بالفرص والموارد الخاصة بالمناطق التي من المفترض أن تكون مشتركة بين الجميع، مما ينذر بصراعات من شأنها أن تؤثر سلبًا في أنظمة الحياة هناك، فالمحيطات على سبيل المثال تُشكِّل ثلاثة أرباع الكوكب، لذا فهي تمثُّل حجر الزاوية في النظام البيئي بما تحويه من ثروات واستخدامات متعدِّدة الأغراض، مما يجعلها سلَّة النفايات للآلة الصناعية العالمية.
كما يعد الفضاء إحدى المناطق المرشَّحة بقوة لتكون مسرحًا للصراعات في المستقبل، ونظرًا إلى صعوبة الوصول هناك، تقتصر المنافسة إذن على الدول العظمى ذات التكنولوجيا العالية، وفي الواقع المعاصر نجد الحرب سجالًا بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا للسيطرة على مفاتيح الفضاء، وتدخل الصين اليوم على خط المواجهة عبر تطوير وكالتها الفضائية المحلية وغزو الكواكب الأخرى كذلك، ومع انحسار الجليد عن خزائنه من الثروات تتجه أقطاب الصراع اليوم ناحية القارة القطبية، للسيطرة على طرق التجارة العالمية وتأمين خطوط الملاحة والاستفادة بالمياه العذبة وثروات النفط والغاز والموارد المعدنية الأخرى.
الفكرة من كتاب مستقبلنا المشترك
لقد شاءت حكمة الله أن يجعل الأرض محور الحياة الإنسانية، فأمدَّها بجميع ما يحتاج إليه الإنسان الذي تمكَّن من تطوير حضارات متقدِّمة أتاحت فرصة الارتقاء وتحقيق الرفاه عبر الاستفادة والتمتُّع بالثروات الطبيعية الهائلة وتحقيق التقارب بين أجزاء الكرة الأرضية بواسطة التقدم في وسائل الاتصالات والمواصلات الحديثة، ولكن هل لتلك الأشياء أن تستمر في المستقبل؟! فإذا كان الغد وليد الحاضر فعلينا أن نقلق جراء تلك الممارسات غير المسؤولة من البشر والتي تهدِّد النظام الكوكبي بأكمله، فهذا الكتاب أشبه بناقوس خطر لمستقبل مجهول!
مؤلف كتاب مستقبلنا المشترك
اللجنة العالمية للبيئة والتنمية: تمَّ تشكيلها في إثر قرار الجمعية العامة رقم 38/161 الصادر عن الدورة الـ38 للأمم المتحدة في خريف 1983، وقد عملت اللجنة بوصفها هيئة مستقلة على بناء مستقبل أكثر ازدهارًا وعدالةً وأمنًا، لأنها تستند إلى سياسات وممارسات من شأنها توسيع واستدامة القاعدة البيئية للتنمية في مجالات السكان والطاقة والصناعة والأمن الغذائي، والعلاقات الاقتصادية الدولية والتعاون الدولي وإدارة البيئة.