الملل يدفعك إلى القتل؟
الملل يدفعك إلى القتل؟
في محاولة لفهم عقلية المجرم وجد العلماء في أبحاث المخ المنقسم جوابًا شافيًا، فقد اكتشفوا أن نصفي المخ لا يعملان دائمًا في تماثل وهو ما منح الإنسان وعيًا بذاته، فعند قيادة سيارة مثلًا يتركز معظم النشاط في النصف الأيسر من المخ وهو الجانب الحرج منه والمسيطر على الرغبات، وعند الشعور بالملل يتصرف المخ الأيمن كما لو كان عاطلًا، وبجمع تلك الحقائق تتضح الصورة، عندما يشعر الشخص بالملل، نصف مخه الأيمن لا يعمل، ويمسك نصف مخه الأيسر بزمام الأمور ويقود الشخص إلى تجربة شيء مثير لدفع الملل، قد يكون الشيء المثير خمرًا عند مدمن الكحول، أو قتلًا عند المجرم، أو كليهما عند رجل مثل الإسكندر الأكبر الذي دفعه ملله إلى خوض مغامرات اكتشاف عوالم جديدة بكل ما صاحب ذلك من مذابح ودماء.
قد يُقبل الملل في حالة كحالة الإسكندر، لكنه يفشل في إعطاء تفسير كافٍ لجرائم برادي وبانزرام، حينما نعمق النظر نجد أن الإسكندر لم يعد مذابحه جرائم، بل كانت أحد حقوقه ولم ينتابه إحساس أو وعي بالذنب، في حين أن برادي ارتكب جرائمه مع إحساس داخلي بالذنب تجاه المجتمع، ورغم تبجحه ولا مبالاته كان يعرف أنه يرتكب خطأً، وهنا نستنتج أن الجريمة تكون عندما تكون السلطة ويتخذ المجرم موقفًا معاديًا إزاءها، والغريب أن أغلب البشر يعدّون أنفسهم رافضين للسلطة بينما يمارسونها من جانب آخر في دور أب أو زوج، وهنا ينشأ صراع بين العقل المقتنع بالحاجة إلى السلطة والمشاعر الرافضة لها.
وتبدو حالة الماركيز دي-ساد مثالًا صارخًا لهذا التناقض، فقد حاول الجمع بين الجانبين وبرر مشاعره بأسباب عقلانية، رأى دي-ساد أن الإنسان مجرم بطبيعته ولو سنحت له الفرصة فسيمارس كل الملذات الجنسية والمتع الانتقامية، لكن خوف العقاب هو ما يكبح جماحه، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، فإشباع كل الرغبات البشرية لا يحقق السعادة بل قد يصل بصاحبه إلى أنواع مريرة من الشذوذ والوحشية.
الفكرة من كتاب التاريخ الإجرامي للجنس البشري: سيكولوجية العنف البشري
اغتصب الجنود اليابانيون ما يزيد على عشرين ألف أنثى في مدينة نانكنج الصينية، وانتزعوا أحشاءهن بعد الاغتصاب، كما استعملوا صبية المدارس أهدافًا حية للتدريب على القتل بسناكي البنادق، وفي الجانب الآخر من العالم دخل الألمان قرية أورادور الفرنسية، فجمعوا نساء القرية وأطفالها في الكنيسة قبل أن يضرموا فيها النيران ويحرقوهم أحياءً، ومَن حاول من الأطفال الفرار من ألسنة اللهب أمسك بهم الجنود وألقوا بهم في الكنيسة المشتعلة. وبعد تلك الحادثة ببضعة عقود، وافق المقاومون الفلسطينيون على ترحيلهم من بيروت تحت وطأة الحصار، وتركوا نساءهم وأطفالهم بمعسكري صبرا وشاتيلا للاجئين، فقامت عناصر مسلحة تحت حماية قوات الاحتلال بمذبحة تركت ندبًا عميقة في جسد التاريخ.
على مدى قرون، تفرد الإنسان بوحشية مفرطة وبكونه الكائن الوحيد الذي يتلذذ بتعذيب بني جنسه.
وهذا كتاب يغوص في أعماق الجريمة، لدرجة قد تجعل القارئ يقرر في بعض صفحاته ألا يكمله من هول ما يقرأ، لكن الواقع أليم والمجرمين كثر وفي تزايد، لذلك يعد الكتاب مصدرًا مهمًّا لفهم عقلية المجرم، عسى أن نمنع الشر أو على الأقل.. نُحجمه.
مؤلف كتاب التاريخ الإجرامي للجنس البشري: سيكولوجية العنف البشري
كولن ولسن: كاتب إنجليزي ولد في ليستر بإنجلترا، ترك المدرسة في سن السادسة عشرة ليساعد والده، نشر كتابه الأول “اللامنتمي” وهو في سن الخامسة والعشرين، وله عدة مؤلفات منها
أصول الدافع الجنسي.
فكرة الزمان عبر التاريخ.
المعقول واللامعقول في الأدب الحديث.
معلومات عن المترجم:
د. رفعت السيد علي: ترجم عدة أعمال منها:
الطريق إلى مكة.
مقدمة قصيرة عن الحرب العالمية الأولى.