الملك فيصل: نشأة قائد في ظل التحولات العالمية الكبرى
الملك فيصل: نشأة قائد في ظل التحولات العالمية الكبرى
وُلد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود في غرة شهر شوال عام 1324هـ، في فترة حافلة بالأحداث المهمة التي شهدتها المنطقة والعالم. منذ طفولته عاصر فيصل تحولات كبرى، بدءًا من الحرب العالمية الأولى التي اندلعت عندما كانت سنه ثماني سنوات، وشهد تسلط بريطانيا على مصر حينما عزلت الخديو عباس حلمي ومددت فترة حمايتها عليها. تلك الفترة كانت مليئة بالتغيرات السياسية والاجتماعية، فقد شهد أيضًا الثورة العربية الكبرى التي قام بها الشريف حسين ضد الدولة العثمانية عام 1334هـ، بالإضافة إلى وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
كل هذه الأحداث أسهمت في تشكيل وعي الملك فيصل المبكر بالسياسة الدولية ومخاطرها، وشكلت جزءًا من الذاكرة السياسية للملك فيصل، مما دفع والده الملك عبد العزيز إلى إعداده لمهام سياسية وعسكرية كبرى منذ نعومة أظفاره. في عام 1336هـ، اصطحبه والده في “غزوة ياطب”، وهي أول غزوة قام بها ضد ابن الرشيد، مما رسخ في نفسه أهمية القيادة العسكرية والدفاع عن الوطن. بعد ذلك بعام واحد فقط، أرسله الملك عبد العزيز إلى إنجلترا ليمثله في احتفالات انتهاء الحرب العالمية الأولى. خلال تلك الرحلة التي استغرقت ستة أشهر، قام فيصل بجولة واسعة شملت بلاد ويلز وأيرلندا وباريس وبلجيكا، حيث تعرف على الأوضاع التي يعيش فيها العالم الأوربي ورأى بعينيه كيف تستغل القوى الكبرى خيرات البلدان وتستعبد شعوبها.
في ظل تلك التحديات الكبيرة، عينه والده في شهر ذي القعدة من عام 1340هـ قائدًا لجيش مكون من ستة آلاف مقاتل لإخماد فتنة نشبت في عسير، ونجح في مهمته، مما عزز مكانته بوصفه قائدًا عسكريًّا في سن مبكرة. لم تتوقف الأحداث عند هذا الحد، ففي عام 1342هـ، ألغى مصطفى كمال أتاتورك الخلافة الإسلامية، وهو حدث كان له أثر كبير في العالم الإسلامي، وكان فيصل يبلغ من العمر آنذاك ثمانية عشر عامًا فقط.
استمر فيصل في أداء دوره السياسي، إذ أصدر والده الملك عبد العزيز في الحادي والعشرين من صفر 1345هـ التعليمات الأساسية للمملكة، وعينه نائبًا عامًّا للملك في الحجاز ورئيسًا لمجلس الشورى. وبعد عام واحد، أرسله والده إلى إنجلترا وفرنسا وهولندا لتوطيد العلاقات مع حكوماتها. وفي العام نفسه فوضه الملك عبد العزيز بالتفاوض مع “الجنرال الإنجليزي كلايتون” الذي زار جدة في شوال 1345هـ لتعديل معاهدة العقير. هذا الدور الدبلوماسي كان خطوة حاسمة في تأكيد استقلال المملكة وإلغاء معاهدة العقير، وهو ما تحقق بتوقيع فيصل على معاهدة جدة في الثامن عشر من ذي القعدة 1345هـ. وفي الثامن والعشرين من رجب 1349هـ، شهدت المملكة تحولًا إداريًّا كبيرًا حينما حول الملك عبد العزيز اسم مديرية الشؤون الخارجية إلى وزارة الخارجية، وعين فيصل وزيرًا لها، ليصبح أول وزير للخارجية في تاريخ المملكة.
الفكرة من كتاب صفحات مطوية من حياتي: مع المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله – الجزء الأول
يعرض الكاتب بأسلوب رصين وسرد تاريخي دقيق المواقف والتحديات التي واجهها الملك فيصل خلال فترة حكمه، والتي كان لها دور كبير في تشكيل سياسة المملكة العربية السعودية والعالم العربي بأسره. يركز المؤلف على العوامل التي أسهمت في بناء شخصية الملك فيصل القيادية، بدءًا من نشأته في فترة مليئة بالتحديات السياسية والاجتماعية الكبرى، مرورًا بمواقفه الحاسمة في مواجهة الأزمات الدولية، وانتهاءً بإرثه الذي تركه للأمة الإسلامية.
مؤلف كتاب صفحات مطوية من حياتي: مع المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله – الجزء الأول
حسن محمد عبد الهادي كتبي: ولد في شهر شعبان عام 1329هـ في مدينة الطائف. حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ثم التحق بمدارس الفلاح بمكة المكرمة، وهي مدرسة تعتمد على برامج مشابهة للأزهر الشريف. ثم التحق بالقسم العالي المتخصص في دراسة الشريعة في مدرسة الفلاح في بومباي بالهند، وتخرج فيها عام 1350هـ. وفي عام 1350هـ أسندت إليه مديرية المعارف العامة لتدريس القضاء الشرعي في المعهد العلمي السعودي.
من مؤلفاته:
هذه حياتي.
نظرات ومواقف.
سياستنا وأهدافنا.
ملامح من شخصية البلاد العربية المقدسة.