المقالات والمدونات الإلكترونية بين الرفض والإفادة
المقالات والمدونات الإلكترونية بين الرفض والإفادة
لقد أصبح الإنترنت عالمًا موازيًا واسع الأفق، ما إن تلجه حتى يُتاح لك السفر عبر القارات والاطلاع على الثقافات والمكاتب الإلكترونية المختلفة، لكن إذا صدَّقنا القول وافترضنا أنه عالم حقيقي وأردنا أن نرسم خريطة للمواقع العربية على الإنترنت، سنجد الكثير من البقع الفارغة والمجالات التي لم يُدوَّن فيها إلا القليل، لذا لا تتعجَّب عندما تقوم بأداء بحث ما أن أغلب مصادرك أوروبية، وما يرد إلى الذهن للوهلة الأولى؛ أن هذا انعكاسٌ لثقافتنا العربية، الثرية في بعض المجالات، إلا إنها لم تطرق أبواب مجالات أخرى، لكن هذا غير صحيح، فتراثنا العربي مليء بالمؤلفات الورقية العظيمة في مختلف المجالات، والتي تمَّت ترجمتها وتصديرها لكل أصقاع العالم، ولكن القصور الإلكتروني الذي وصفه الكاتب بمصطلح “الصحارى الإلكترونية” سببه إهمال تلك المواقع، بدلًا من أن تتبنَّاها المؤسسات العلمية وتقوم عليها، وكثيرًا ما تختفي مواقع عظيمة بشكل مفاجئ مثل موقع “مجمع اللغة العربية بالقاهرة” الذي كنا نستطيع من خلاله معرفة قرارات المجمع أو الرجوع إليه في مسألة بعينها.
أما في ما يخص المدوَّنات، فهي الأخرى مهدَّدة بالانقراض، والمدوَّنة هي منصة شخصية تستطيع من خلالها نشر مقالات أو دروس أو كتابات ما، ورغم تهميش أهميتها، فإن المؤلف يرى أنها كنز ثمين، تستطيع من خلاله نشر ما في جوفك دون أن تلجأ إلى دار نشر أو تعوقك مصاريف الطباعة، ولكن انتهى عصر التدوين، وتلاشت المواقع، وما زال الإنترنت في العالم العربي يفتقر إلى موضوعات مهمة، وهذا الفقر يخلق فرصًا كبيرة غير مستغلَّة، ومساحة خصبة يمكن العمل فيها.
ومن القضايا المرتبطة بالمدونات والتدوين، معارضة نقاد الأدب تدخُّل المدوِّنين غير المتخصصين، في نقد الكتب وترشيحها، ويعتبرونه تلاعبًا لا يقوم على خبرة أو معرفة قيمة، لكن شاؤوا أم أبوا، فقد أصبحت المدوَّنات وآراء القراء المجهولين أداة لرفع مبيعات الكتب أو خسفها بطريقة مذهلة، ويرى الكاتب أن تجربة القراءة بحدِّ ذاتها تهب القارئ قدرة على النقد وتفنيد حلو المحتوى من سيِّئه، ويتحصَّل ذلك بالتكرار والممارسة، وفي نهاية هذا الفصل تحدَّث الكاتب عن تجربة اقتناء الكتب القديمة أو المستعملة، واصفًا إياها بالتجارب الثرية لأنَّ القارئ يُضفي ذوقه ولمسته على ورقات الكتاب: إما بتحديد فقرة معينة، أو اقتباس تعبير ما، أو طي إحدى صفحات الكتاب التي كان قد توقَّف عندها أو أراد أن يعود ليتمعَّن فيها ثانيةً، والفائدة الأخرى لهذا التداول؛ أنَّه قد يكون للطبعات الأخيرة لكتب عريقة مرَّت عليها عقود ولم تُطبَع منها نسخ جديدة.
الفكرة من كتاب الفأر في المتاهة
هذا الكتاب هو كتاب أدبي تأمُّلي، يضم مجموعة من المقالات المتفرقة التي يسعى الكاتب من خلالها للربط بين الكتابة والعالم باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، فيتحدَّث في كل مقال عن موضوعات ونظريات مختلفة، ويلتقط صورًا كونية متفرِّقة، وفي النهاية يربط بينها وبين الكتابة بصورة مذهلة، وهو يقول: أظن أنني في هذا الكتاب أضع الكتابة في مركز اهتمامي، أنظر إليها حتى عندما أكون في سياق الحديث عن موضوعات منفصلة ظاهريًّا عنها.
مؤلف كتاب الفأر في المتاهة
أحمد عبده الحضري: كاتب وشاعر مصري، وُلد بمحافظة الشرقية عام 1978، تخرَّج في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1998م، وهو التاريخ الذي ذيَّل به كل قصائده في ديوانه الأول “اقفل عليك الحلم” ديوان بالعامية المصرية، والذي حظي بقبولٍ وترحيبٍ شديدين، وكان أول مَن احتفى به الشاعر “جمال بخيت”، وقد أهدى الحضري آخر قصائد ديوانه للشاعر الكبير “فؤاد حدَّاد”.
انضم الشاعر أحمد الحضري إلى جماعة المغامير الأدبية وأضفى عليها طابعًا أدبيًّا جديدًا، وكثرت أمسياتها وفعالياتها الأدبية بعد انضمامه، وأنشأ مدوَّنة أدبية سماها “برد”، ينشر فيها قصائده الشعرية ومقالاته الأدبية عن الكتابة، والسينما، والشأن العام، والفضاء الإلكتروني وغيرها من الأمور.
نشر الحضري أشعارًا كثيرة في عدة مجلات وجرائد مصرية مثل جريدة الدستور، ومجلة صباح الخير، وهو بصدد نشر ديوانَيْن جديدَيْن؛ الأول بالعامية المصرية بعنوان “حِجَّة مش أكتر”، والآخَر بالعربية الفصحى “كافُ التشبيه”، وفي الكتب النثرية صدر له كتاب واحد وهو هذا الكتاب: الفأر في المتاهة.