المفاهيم بنيان ومكونات
المفاهيم بنيان ومكونات
المفاهيم تتكوَّن وتُبنى ولوضع الأطفال على الطريق الصحيح لا بد أن يأخذ المربي في عين الاعتبار الفنيات المطلوبة لتكوين المفاهيم الصحيحة في عقلية الطفل وحصاده الفكري،وعلى الرغم من أن تكوين المفاهيم وصناعتها من أعمال الفلسفة الدقيقة التي تتطلَّب الكثير من المرونة والانفتاح الذهني،ولأن الغموض والخفاء هو الأصل في معظم المفاهيم تتطلَّب عملية تكوينها وإنضاجها على الشكل الصحيح أساليب خاصة ومبتكرة،كالحوار المثمر مثلًا، فالحوار بالعموم أداة أساسية لتجلية المعاني المستقيمة والمفاهيم القويمة،وهو جزء من حقوق الإنسان التي لا يمكن التنازل عنها،والتي لا ينبغي للأهل التنازل عن حق أبنائهم فيها،وذلك بتفعيل جلسات الحوار المنظم وتدريبهم على أساليب النقاش الراقي وتعليمهم أن الحوار والنقاش طريقة من طرق التعلم وفرصة لزيادة الوعي وترتيب الأفكار وتنظيمها.
وتعتبر التربية الحرة مصنع للمفاهيم أيضًا،فتربية طفل حر القرار وفق ضوابط وشروط منتقاة تقيه الوقوع في مغبَّة الأحكام المتسرعة وتعوِّده على التريث قبل إطلاق الأحكام لأنه مسؤولية عظيمة أمام الله،فضلًا عن كونها تكفل له فهم الأمور بشكل صائب ومدروس يحفظ الحقوق والواجبات.
ولأن العلاقات الاجتماعية على اختلاف أنواعها تعتبر مصدرًا تعليميًّا معتمدًا لدى الطفل في تشكل مفاهيمه الجديدة تعدُّ الصداقة كذلك جزءًا لا يتجزَّأ من عملية التكوين المفاهيمي لديه،فالأطفال يتأثَّرون بأصدقائهم وتؤثِّر الصداقات في كثير من مفاهيمهم ومواقفهم.
لهذا ينبغي على المربي مراعاة هذه الجزئية وتحديد شروطها وضوابطها وتعليم الطفل أن الصديق الحق هو من يحفظ المودة ويعين على البر ويحرص على القرب دائمًا ويكون عونًا على العلم والتعلم.
الفكرة من كتاب تأسيس عقلية الطفل
أهداف التربية في الأساس تتمحور حول تنشئة وإخراج جيل يخاف الله ويتبع هدي نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم).
إنه جيل يستحضر قيمة رسالته وموقعه من التاريخ بحافزية عالية ومسؤولية حاضرة،وهذا مما لا يتسنَّى تحقيقه إلا في داخل أطر عملية تربوية طويلة المدى يحتاج فيها المربي نفسه إلى تمثُّل القيم والأفكار الصحيحة في أسلوبه وممارساته، حيث تتجلَّى فيه هذه القيم للطفل درسًا عمليًّا ومثالًا قريبًا بعيدًا عن التنظير والتوجيهات الفارغة،وأن يكون المربي على علم واطلاع كافيين بعدد لا بأس به من المفاهيم التي تتصل بشتى جوانب الحياة لتكون توجيهاته وإرشاداته أكثر تفهُّمًا للظروف والوقائع، ومن هذا المنطلق قدَّم المؤلف كتابه تلبيةً لما يراه من التحقُّق في عقلية المُربي وسلوكه.
مؤلف كتاب تأسيس عقلية الطفل
عبد الكريم بكَّار مفكر وكاتب سوري الجنسية من مواليد 1951 ميلادية، مهتم بمجالات التربية والفكر الإسلامي وقضايا النهضة، متحصِّل على بكالوريوس وماجستير في اللغة العربية من جامعة الأزهر إلى جانب دراسته لأصول اللغة وعلوم الفلسفة، كما أنه اشتغل بتدريس اللغويات ودلالة الألفاظ وعلوم اللغة العربية وعلوم القرآن.
يمتلك أكثر من ثلاثين مؤلفًا، ومنها: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”.