المعيارية الأميركية.. مقاس محدد لحق مقبول
المعيارية الأميركية.. مقاس محدد لحق مقبول
الاستثناءات كانت محجوزة وجاهزة دائمًا لطرف آخر، كمصطلحات الدفاع عن النفس والضرورات الأمنية مع الطرف المضاد للعرب، ففي الرواية الأميركية تكون إسرائيل عادة موضوعة في الزاوية وليس لها أي خيار سوى قتل الفلسطينيين العُزل وتهجيرهم، هذا بالطبع يُفهم منه على الفور كيف يرى الأمريكيون العرب بوصفهم جمادات تأخذ الضمائر المبنية للمجهول في خطاباتهم على الدوام.
فبالنسبة إلى الليبراليين فإسرائيل أو الولايات المتحدة ليستا مخطئتين أو غير أخلاقيتين في ما تفعلانه بل من مصلحتهما أن تفعلاه بطريقة أكثر “حكمة”، الصحافة من هذا النوع غالبًا ما تكون مقبولة من القوى الإمبريالية بأشواكها الحنونة ومداعبتها لمراكز القوى، هذه الطريقة في الخطابة تطالب بالعدل والمساواة الطبقية ولكن تحت ستار من الكلمات وفي أثناء ذلك تنتج خطابًا عنصريًّا يتضمن استثناءات على أساس العرق والدين لشحن هذا الخطاب، وهي بذلك تثبت رؤيتنا بأنها لا ترى هؤلاء الأفراد على نفس المستوى الاجتماعي كما تدعي، وإنما ترتبهم في كل مرة حسب المصلحة البيضاء.
تظهر هذه السياسة في الطريقة التي يتعامل بها الصهيونيون المسيحيون مع المسيحيين الفلسطينيين بعد إزالتهم من لغة الخطاب كالعادة، ثم يبدأ تمثيل الرأي المسيحي الفلسطيني والإيحاء بعلاقة مشبوهة معهم غير موجودة ولا مقبولة من الأساس، أن استخدام هؤلاء المسيحيين للتغطية على التطهير العرقي الإسرائيلي وتحميل المسؤولية للمسلمين بتصويرها كحرب أهلية فلسطينية، هو نموذج مُرحب به في أميركا، هذه الألفة الكاذبة مع الصوت المسيحي العربي هي تمييز ديني واضح والأكثر استفزازًا أنها لا تمثل للأمريكيين أي شرعية إضافية للقضية، إنما تجعلها أكثر قبولًا فقط وتُنحي القضية الاستعمارية من الواجهة لصالح حرب دينية مُصطنعة.
إن الخضوع للهوى الأميركي بالقبول المسيحي يصور القضية كأنها شأن مسيحي فقط، كأن القتلى والمُهجرين المسلمين غير مرغوب فيهم، ويبدو أن على أي شعب أو قضية حتى يحظى بحق الكلام والمطالبة بحقوقه أن يكون منتميًا لعرقية أو دين مطابق للمعايير الأمريكية، وهذا كله يتم بغياب المسيحيين الفلسطينيين فالمُكون المسيحي أساسي ومؤثر في تاريخ التحرر الفلسطيني، وبمشاركة المسلمين عاشوا عصورًا من الحرية الدينية لم تتأثر حتى ظهور الاحتلال الإسرائيلي، لقد قتلت إسرائيل الجميع وشردتهم دون استثناءات، ثم أتت جماعات الصهيونية المسيحية الأمريكية لتدعي أن هذه الهجرات المسيحية سببها عنف المسلمين الفلسطينيين.
الفكرة من كتاب الحروب الهمجية: العرب والمسلمون وفقر الفكر الليبرالي
دائما ما تُثار النقاشات ويتركز الاهتمام حول الخطابات اليمينية الغربية، كونها مُستفزة ومباشرة ولا تكلف نفسها أي مواربة، بينما الخطابات الليبرالية التي تُواري العنصرية وراء الحيادية والعدالة الخبيثة لا يتم الاهتمام بها بالشكل الكافي.
يتتبع الكاتب الحركات الليبرالية وردود فعلها وآراء كتابها حول الأحداث والتدخلات الأجنبية في المنطقة، ويبين كيف تكون العنصرية المُتخفية أكثر ازدواجية وكراهية من التصريح بالفوقية والعلو الغربي.
مؤلف كتاب الحروب الهمجية: العرب والمسلمون وفقر الفكر الليبرالي
ستيفن سالايتا ذو الأصول الفلسطينية المولود عام 1975 بولاية فرجينيا الأمريكية، عمل أستاذًا مساعدًا للغة الإنجليزية بجامعة فرجينيا تك، ومتخصصًا في الكتابة عن العرب الأمريكيين والسكان الأصليين والأقليات العرقية، من مؤلفات المهمة:
الأرض المقدسة في انتقال.
العنصرية ضد العرب في الولايات المتحدة.
عن المترجم:
الشاعر والمترجم يوسف عبدالعزيز المولود في قنا عام 1969، حصل على الليسانس في الأدب الإنجليزي من جامعة أسيوط.. من أعماله:
المجموعة الشعرية للصمت والرماد
من ترجماته:
وردة حمراء.. وردة بيضاء، لهنري لوسون، شعر.
اتحاد العمال يدفن رجله المتوفي، مجموعة قصصية