المعرفة والجهل.. تأثير دانينج-كروجر

المعرفة والجهل.. تأثير دانينج-كروجر
إن الجهل ليس بالضرورة مصدر شقاء، وإنما هو حالة حتمية علينا، فالعالم مليء بالتعقيدات التي تفوق قدرة الفرد على الإحاطة بها كلها، ومع أن الجهل قد يكون مصدر إحباط، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في الصعوبات التي نواجهها نتيجة عدم وعينا به.

لقد أمضى “ديڤيد دانينج | David Dunning” -عالم النفس الأمريكي- وقتًا طويلًا في دراسة الجهل البشري الذي لاحظه في الحياة اليومية والدراسات العلمية، وما أثار قلق دانينج ليس فقط حجم الجهل البشري، بل جهل الأشخاص لمدى جهلهم، فإننا نقيم معرفتنا من خلال ما نعرفه فقط، فكيف يمكننا تقييم معرفتنا بما نجهل أننا نجهله؟ كيف تقيم مهارتك في القيادة؟ إذا كنت ملمًّا بأصول القيادة فمن المرجح أن تستطيع تقدير مهارتك بدقة، أما إذا كنت سائقًا مبتدئًا فلن تكون على دراية بكل المهارات اللازمة للقيادة، ولن تكون واعيًا بما يتطلبه الإتقان، ومن ثم قد تظن أنك أفضل مما أنت عليه فعلًا، وهذا ما يفسر ما يُعرف “بتأثير دانينج-كروجر | Dunning-Kruger Effect”، إذ يميل الأشخاص الأكثر جهلًا أو الأقل خبرة وكفاءة إلى تقدير مهاراتهم بشكل مبالغ فيه مقارنة بغيرهم، وقد أُثبت هذا التأثير في عديد من السياقات، سواء في المختبرات النفسية أم الحياة العملية بين الطلاب والمديرين والموظفين وغيرهم.
ويُظهر دانينج أن السبب وراء هذا التأثير أن الأشخاص الذين يفتقرون إلى المهارات يفتقرون أيضًا إلى الوعي بما ينقصهم من مهارات، مما يجعلهم يعتقدون أنهم متمكنون. أما الأشخاص الماهرون فيمتلكون فهمًا أعمق للواقع ويعرفون أي المهارات يحتاجون إلى تحسينها.
الفكرة من كتاب وهم المعرفة: لماذا لا يفكر الإنسان منفردًا؟
إن العقل البشري معقد متناقض، فهو قادر على الإبداع والتفكير العميق، وفي الوقت نفسه يمكن أن يكون محدودًا غير منطقي، فنحن قادرون على تحقيق إنجازات باهرة كاستكشاف الفضاء والوصول إلى القمر، وتطوير الخضراوات المعدلة وراثيًّا، وفهم أسرار الذرة، لكن في الوقت ذاته، نجد أنفسنا غافلين عن الكيفية التي توصلنا بها إلى معظم هذه الأمور، فالجميع يعاني وهم الفهم بدرجات متفاوتة، وهو الاعتقاد الزائف بأننا نفهم كيفية عمل الأشياء، في حين أن فهمنا الحقيقي لها محدود، ألا تصدقني؟ حسنًا.. دعنا نجرب الآن
لنختر شيئًا بسيطًا غالبًا ما تراه في حياتك اليومية على مقياس من 1 إلى 10، كم تقدر مدى فهمك لكيفية عمل سحاب البنطال؟ يبدو الأمر بسيطًا، أليس كذلك؟ احتفظ بالرقم الذي وضعته، ثم أحضر ورقة وقلمًا وحاول شرح تلك العملية تفصيليًّا، بعد ذلك قيم فهمك مرة أخرى، هل تغير الرقم؟ ربما أصبح أقل، على الأرجح سيحدث ذلك.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو “لماذا لا ندرك حقيقة جهلنا؟ ولماذا نظن أن فهمنا عميق عندما يكون الواقع مغايرًا؟”، هذا ما سيجيب عنه كتابنا من خلال تشريح مفصل للآليات العقلية التي تقف وراء هذه الظاهرة، كما سيوضح لنا كيف وصلنا إلى هذا التقدم الكبير الذي نعيشه اليوم رغم وجود هذه الظاهرة، وسيقدم لنا أيضًا طرائق لحلها.
مؤلف كتاب وهم المعرفة: لماذا لا يفكر الإنسان منفردًا؟
ستيڤن سلومان: عالم نفس يهتم بدراسة الجوانب المعرفية للكيفية التي يفكر بها الإنسان منفردًا وفي المجتمع، يعمل أستاذًا في قسم العلوم المعرفية واللغويات والعلوم النفسية بجامعة براون في الولايات المتحدة الأمريكية، نشر مجموعة واسعة من الأعمال في مجلات مرموقة مثل: The New York Times، وBBC World News، له كتاب آخر بعنوان:
“Causal Models: How People Think about The World and Its Alternatives”
فيليب فيرنباخ: عالم نفس معرفي، حصل على درجة الدكتوراه في العلوم المعرفية من جامعة براون، يعمل حاليًّا أستاذًا للتسويق في مدرسة ليدز لإدارة الأعمال في جامعة كولورادو، يهتم بدراسة طرائق تفكير الناس ويطبق أبحاثه من أجل مساعدة أصحاب الأعمال والمستهلكين والمديرين على اتخاذ قرارات أفضل، إذا يشغل منصب المدير المشارك لمركز أبحاث القرارات المالية للمستهلكين، وهو أيضًا عضو في معهد العلوم المعرفية بجامعة كولورادو.
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.