المعالم التاريخية في العصور القديمة
المعالم التاريخية في العصور القديمة
إن الحركة الكونية الماثلة أمامنا في نظام محكم بديع، تدفع العقل البشري إلى البحث عن أصل تلك الظواهر المادية والاجتماعية وعن المتحكم في صيرورتها بهذا النسق المنظم، ولذلك شدَّ الإنسان رحاله للكشف عن النواميس الكونية الحاكمة للوجود البشري، فكانت بذلك فكرة تحليل الأحداث التاريخية وتدارسها بغية الاستفادة شيئًا من حركة الماضي للتنبؤ بحركة المستقبل، ومن هنا قال بعضهم: اقرؤا التاريخ فإن فيه العبر، فقد ضلَّ أقوامٌ لا يعلمون ما الخبر.
وتطبيقًا على ما سبق بيانه نجد أن لكل أمة خصائصها الفكرية المتميزة وعطاؤها المتفرد في البناء الحضاري، فنجد على سبيل المثال الحضارات المصرية القديمة قد اهتمت بالتاريخ اهتمامًا كبيرًا، ويدل على ذلك اهتمامهم بتدوين أخبارهم على الجدران والمعابد والمقابر، وقد نضجت تلك الحضارة وعرفت فكرة التوحيد مبكرًا وتطرَّقت إلى الحياة ما بعد الموت، وإذا انتقلنا إلى الصين والهند نجد أن الحضارة الهندية وإن كانت لا تذخر بالعديد من الكتابات والنقولات المحفوظة مثل الحضارة الصينية، إلا أن كلتا الحضارتين تأثرت كثيرًا بالتعاليم الكونفوشية، غير أن الملاحظ في الحضارة الهندية هو سيطرة العديد من الأساطير والخرافات على عقائدها الخاصة كتناسخ الأرواح أو ما يعرف بالتجسيد، وغير ذلك من الخرافات والأساطير.
كما يعد النظام الطبقي وتقسيم الأفراد إلى درجات علامةً متجذِّرة في التاريخ الهندي، ومن الغريب إباحتهم نوعًا من الشيوعية الجنسية رغم مناداتهم بالعفة والطهارة، وإذا انتقلنا إلى الحضارة الإغريقية وجدنا أن بعض فلاسفتها تبنوا فكرة مفادها أن أصل الخلق هو التراب وأن لكل منطقة شمسها وقمرها، مما اعتبره البعض إيذانًا بنشأة معالم الفلسفة وعلم الطبيعة، كما يُحسب لهم صياغة العلوم وتأليف الكتب مما كان أشبه بجسر لنقل المعارف بين مختلف الأجيال، بعد أن كانت تلك العلوم مقتصرة على التلقين والممارسات العملية، وربما عدَّها البعض من ضروب السحر والشعوذة.
الفكرة من كتاب فلسفة التاريخ
لماذا تسقط الأمم؟ ولماذا تتداعى الحضارات التي كان يُظنُّ يومًا ما من الأيام أنها أكبر من أن تسقط؟ هذا الثقل النفسي الرهيب الذي يفرزه هذا السؤال الصعب هو ما دفع العلماء والمفكرين والساسة وأصحاب الرأي إلى الاعتكاف على دراسة التاريخ والوقائع والأحداث، لعلَّهم بذلك يستلهمون فقه الحضارات ويهتكون أستار السنن الكونية والاجتماعية الحاكمة لمسيرة الجنس البشري عبر العصور، وهذا بالضبط هو موضوع الكتاب.
مؤلف كتاب فلسفة التاريخ
عبد الحليم عويس: ولد في يوليو 1942، بمدينة المحلة الكبرى محافظة الغربية بدلتا مصر، حصل على ليسانس اللغة العربية والدراسات الإسلامية (1968م)، وعلى الماجستير (1973م) عن أطروحته دولة بني حماد في الجزائر، والدكتوراه (1978م) عن أطروحته ابن حزم الأندلسي مؤرخًا في التاريخ والحضارة الإسلامية من كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، ثم عمل أستاذًا أكاديميًّا بالعديد من الجامعات المصرية والعربية، كما أنه عضو اتحاد كتاب مصر، وخبير بمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، وعضو نقابة الصحفيين، وعضو اتحاد المؤرخين العرب، ونائب رئيس جمعية رابطة الأدب الإسلامي بالقاهرة، ورئيس تحرير مجلة “التبيان” التابعة للجمعية الشرعية بمصر، توفي في ديسمبر من العام 2011.
من مؤلفاته: “المسلمون في معركة البقاء”، و”فقه التاريخ في ضوء أزمة المسلمين الحضارية”، و”دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية”.