المطبوع والمصنوع.. مسرح وممثلون
المطبوع والمصنوع.. مسرح وممثلون
إن المصيبة التي نراها في آدابنا العربية لا تخفى على عالم أو جاهل؛ انفردت الصناعة والتكلف بالأدب العربي، حتى صار جُل اهتمامنا ودراساتنا حول هذا النوع من الأدباء، لكن عزاءنا أننا لا نختبر هذه الظاهرة فرادى، فهي ليست مصيبة خاصة بأهل العربية وحدهم، ولكنها فترة مُعتادة تُصيب لغات جميع الأمم، ربما تختلف آجالها حسب طبيعة كل أمة ولكن المآل لا يختلف، ولقد فرض هذا الصنف من الأدب نفسه على المكتبة العربية، فأصبح الباحثون يرجعون إلى كتبه كمصادر للغة، وإلى أدبائه كسادة لها، وكان الأدب المرسل والمطبوع ضحية هذه الجناية، وذنبه أن أصحاب هذا النوع من الأدب لم يتخذوه حرفة ولم يُفردوا له المراجع والمقامات، فربما وُجدت في كتب العلم والفلسفة والفقه قطعٌ أدبية تُظهر جمال هذه اللغة وقدرتها على وصف الوجدان، كما حوت كتب السيرة نماذج من الأدب الصادق الجاري الذي لا تُنهكه الأغراض ولا تكبله الصناعة.
بدأ التدوين والتأريخ منذ القرن الثالث والرابع الهجريين، وعكف المؤرخون يجمعون شتات الأخبار والسير وأحاديث العرب في بيوتهم ومجالس أنسهم، فورثنا من هذا العصر موسوعات جليلة حفظت لنا متون اللغة، ثم جاء قوم مُتأخرون بأساليب جديدة ولغة لا تشبه كلام العرب المرسل، لكنها لغة تملؤها الزينة وتطغى عليها المحسنات، ولحظوة رواد هذا الأسلوب وقربهم من الملوك والسلاطين، حكمت طريقتهم المكتبة العربية زمنًا طويلًا، حتى ظن العلماء والباحثون أن أُصول اللغة وعصورها الذهبية إنما كانت على أيدِي هؤلاء.
لم يتميز أصحاب الطبع ويلقَ أسلوبهم القبول والخلود فقط لأنهم ابتعدوا عن السجع والبديع، لكن لأن أولئك الكُتاب إنما كتبوا استجابة لدافع الضمير أو بثًّا لهمٍّ أو طرحًا لمسألة، فتظهر في كلماتهم حرارة وصدق لا نراهما عند أصحاب الصنعة، لكن الطرف الآخر إنما يتمثل أحوال الآخرين وأحزانهم وأفراحهم، فيكون الباعث الذي يصيبهم لا ينتمي إليهم، ولكن الحوادث تُملي عليهم أن يقولوا فيقولوا.
الفكرة من كتاب نظرات في الأدب
عرفت الأمة الإسلامية أبا الحسن الندوي داعيةً ومفكرًا إسلاميًّا، وبلغت شهرته الآفاق مع صدور كتابه “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟”، ربما التفت البعض إلى بلاغته وحسه الأدبي في مؤلفاته، لكن ظل هذا الجانب من شخصيته مجهولًا وراء لثام الداعية والمفكر، وهو في هذا الكتاب يكشف عن هذا الجانب، فنراه يدمج ذوقه الأدبي مع أدوات المفكر ومنهجيته النظرية في مراجعة تاريخ الأدب العربي في عصور توهجه وانحطاطه، ثم يؤسس لنظرية أدبية جديدة، يضع فيها نماذج الأدب ومراجعه المُتبعة في الميزان، ليلفت أمته وينبهها لأدب آخر مجهول أهمله الدارسون، فقط لأن أصحابه لم يقولوا عنه أدبًا.
مؤلف كتاب نظرات في الأدب
أبو الحسن الندوي: مفكر إسلامي وداعية هندي، ولد بقرية تكية عام 1914م وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب، درس القرآن والحديث والتفسير في ندوة العلماء بكلية دار العلوم، ثم بدأ عمله بها مدرسًا للتفسير والأدب العربي، أسس العديد من الحركات والمؤسسات الدينية، مثل حركة “رسالة الإنسانية” و”المجمع الإسلامي العلمي”، حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام. من أهم أعماله:
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟
مختارات من أدب العرب.
رجال الفكر والدعوة في الإسلام.
قصص النبيين للأطفال.