المشي من أجل التغيير السياسي
المشي من أجل التغيير السياسي
بعد ذلك قابل “دان” “رُورِي ستِيوَارت” العضوَ المستجد بالبرلمان البريطاني عن دائرة “بِينِيرث” و”برُودَر” الانتخابية التي تُعد أقل مجتمعات إنجلترا من حيث الكثافة السكانية، وانطلق معه لقضاء يوم مع الناخبين، ووجد المزارعين يصطفون حول “ستِيوَارت” ليصفوا معاناتهم وإحباطاتهم اليومية.
واكتشف أن ستيوارت مرّ على كل مزرعة في هذه الدائرة سيرًا على الأقدام للتعرف إليهم، وإلى المنطقة بأكملها، فكان يذھب بنفسه حول أرجاء دائرته الانتخابیة ليوزع المنشورات، وليتعرف إلى الناس.
لم يكن “ستيوارت” كغيره من أعضاء البرلمان، وهذا ما فتن “دان” بخصوص ھوسه بالمشي، والأسئلة التي ظلت عالقة بعقله كانت “كیف أسهم المشي في تغذیته بهذا الكم من المعلومات التي أثرت في رؤياه؟ وھل یتیح له ھذا مزیدًا من الانخراط السیاسي الحقیقي؟”.
أخبره “ستيوارت” أنه قضى عامًا ونصف یمشي في جمیع أنحاء الشرق الأوسط وآسیا الوسطى، ثم ذهب إلى أفغانستان، لأنه أراد استكشاف ذلك المكان المُتعدد الحضارات والثقافات، ورأى أن هذا لن يتحقق سوى بالمشي، ونتيجة لذلك عاش ثلاث سنوات في كَابُول أدار فيها مؤسسة الجبل الفيروزي وأنشأ بواسطتها عیادةً صحیة ومدرسة، وأدخل الكھرباء والمیاه إلى مئات من المنازل.
وقال إن في مجتمع كذلك كانت للناس احتياجات حقيقية، على عكس ما يراه في مُجتمعه البريطاني الحالي الذي تتوافر فيه المدارس والطرق والكهرباء، ويبدو من الخارج أن المشكلات الكُبرى قد حُلَّت، ما جعله يتساءل عن جدواه كسياسي، وبدأ يُفكر أن عليه أن يعمل ويدرس أكثر حتى يبذل كل ما في وسعه ليكون أكثر حساسية تجاه مطالب دائرته الانتخابیة ويسخر إمكانياته لمساعدتهم.
ولتحقيق ذلك لم يجد وسيلة أمامه سوى المشي الذي جعله أكثر قربًا من شعوب وثقافات مختلفة، ومن ثم لم يكن غريبًا أنه جعله يكتسب فهمًا دقیقًا لدائرته الانتخابیة أكثر من أي سیاسي آخر.
الفكرة من كتاب خُلقت لأمشي: قوة التغيير الكامنة في ممارسة المشي
في رأيك، ما الفعل الذي تمارسه يوميًّا ولا يحتاج منك إلى أي تفكير أو جُهد وإنما تفعله فقط؟ هل هو الأكل؟ أم الشرب؟ أم المشي؟ يبدو فعل المشي مناسبًا أكثر، فقد تعلمناه منذ الصغر ولم يختلف منذ ذلك الحين، وهدفه واضح وصريح، وهو نقلنا من مكان إلى آخر، لكن هل هذه هي كل القصة؟
يرى كاتبنا “دَانْ رُوبِنستَايْن” أن قصة المشي لها أبعاد أخرى تتخطى ما قُلناه، وفي سبيل اكتشافها قرر أن يتخذ المشي مهنة له، ولتحقيق ذلك تواصل مع عدد من الناس كان يقرأ أعمالهم عن المشي، وكانوا مؤمنين مثله بأنه يمكن لشيء بسيط كهذا أن يكون له تأثير عظيم في حياة البشر، وسافر إلى أماكن عديدة خرج منها بهذا الكتاب الذي يُعد نتاج تجربة شخصية وصحفية عن حقيقة ذلك الفِعل وتبعاته البعيدة عن البساطة.
مؤلف كتاب خُلقت لأمشي: قوة التغيير الكامنة في ممارسة المشي
دان روبنستاين: كاتب ومُحرر حائز على جائزة المجلة الوطنية، كتب مقالات في مجلات مثل: The Walrus وThe Economist، ويعمل حاليًّا كاتبًا في جامعة كارلتون.
ومن أعماله:
R & Company: 20 Years of Discovery.