المشي كممارسة إبداعية
المشي كممارسة إبداعية
لاحق “دان” دور المشي في مجال الإبداع، وفي سبيل ذلك شارك في مبادرة تُدعى “المدینة المتمددة”، وھي عبارة عن سلسلة من مسیرات یقودھا فنانون في بيئة مفتوحة، تنطوي تلك المسيرات على تأمل ومرونة وأنشطة مع غرباء، فھي تمنح البالغین القدرة على رؤیة الواقع من منظور الأطفال، وتجربة أشیاء جدیدة، إذ تقدم هذه المسيرات أنشطة متنوعة ما بين جسدية وسمعية ونصيَّة، كتشكيل قطع فنية من أشياء يجدونها في طريقهم.
لطالما فُتن الفنانون والكُتَّاب والمفكرون بالعلاقة بین ممارسة المشي وظهور الأفكار الجدیدة، ففي أثینا القدیمة كان “أرسطو” یذرع مدرسة اللِّیسیُوم جیئةً وذھابًا في أثناء إلقائه للمحاضرات، لهذا كان أتباعه یُعرَفون باسم “المشَّائين” نِسبةً إلى طریقة إلقاء “أرسطو” لمحاضراته في أثناء المشي.
وبعد ذلك بسنوات عديدة ظهرت نظریة المعالجة المزدوجة للإدراك التي تقول إن البشر لدیھم نوعان من التفكیر: نظام أول آلي وسریع، ونظام ثانٍ أبطأ يحتاج إلى بذل الجهد، واكتُشف أن هذه الأنظمة يمكنها أیضًا تفسیر ماهية الإبداع.
فالنظام الأول يساعدنا على الربط بین ما لدینا من معلومات في الذاكرة وما نكتسبه من العالم الخارجي، أما الطریقة الثانیة فتساعدنا على تقییم المعلومات التي تكونت في أذھاننا بفعل العملیة السابقة وتظهر على شكل إدراك مفاجئ في أثناء نزهة في حديقة مثلًا.
ففي أثناء المشي نستقبل قدرًا كبيرًا من المعلومات الجدیدة، من مشاھد وأصوات وروائح، وهذه المعلومات تندمج مع خبرات الماضي ومعلوماته، ويُخرج العقل أفكارًا ما كانت لتحدث بأي طريقة أخرى، وھذا من شأنه تحفيز الإبداع، ومن ثم يمكن اعتماد المشي طريقةً مباشرةً نلجأ إليها عندما نشعر بتَشتُّت في التفكير.
الفكرة من كتاب خُلقت لأمشي: قوة التغيير الكامنة في ممارسة المشي
في رأيك، ما الفعل الذي تمارسه يوميًّا ولا يحتاج منك إلى أي تفكير أو جُهد وإنما تفعله فقط؟ هل هو الأكل؟ أم الشرب؟ أم المشي؟ يبدو فعل المشي مناسبًا أكثر، فقد تعلمناه منذ الصغر ولم يختلف منذ ذلك الحين، وهدفه واضح وصريح، وهو نقلنا من مكان إلى آخر، لكن هل هذه هي كل القصة؟
يرى كاتبنا “دَانْ رُوبِنستَايْن” أن قصة المشي لها أبعاد أخرى تتخطى ما قُلناه، وفي سبيل اكتشافها قرر أن يتخذ المشي مهنة له، ولتحقيق ذلك تواصل مع عدد من الناس كان يقرأ أعمالهم عن المشي، وكانوا مؤمنين مثله بأنه يمكن لشيء بسيط كهذا أن يكون له تأثير عظيم في حياة البشر، وسافر إلى أماكن عديدة خرج منها بهذا الكتاب الذي يُعد نتاج تجربة شخصية وصحفية عن حقيقة ذلك الفِعل وتبعاته البعيدة عن البساطة.
مؤلف كتاب خُلقت لأمشي: قوة التغيير الكامنة في ممارسة المشي
دان روبنستاين: كاتب ومُحرر حائز على جائزة المجلة الوطنية، كتب مقالات في مجلات مثل: The Walrus وThe Economist، ويعمل حاليًّا كاتبًا في جامعة كارلتون.
ومن أعماله:
R & Company: 20 Years of Discovery.