المشاعر والاهتمام بالآخر
المشاعر والاهتمام بالآخر
للمشاعر دور تواصلي واجتماعي يتمثَّل في صورٍ عديدة، فهي على سبيل المثال تُسهم في (الاهتمام بالآخر)، وهناك أيضًا صور (تقاسم المشاعر) بين التجمعات البشرية لمشاركة الغبطة الجماعية، وهناك الكثير من الأحداث تشهد أننا بحاجة إلى عيش مشاعر جماعية، فالتجمُّعات العاطفية علامة على وجود طاقة مستعدة للتحرُّر مع أي حدث وللتشبُّث بأي موضوع، إذ يقول (ألفريد دي موسيه): “مهما يكن الحدث المتسبِّب، المهم هو الشعور بالنشوة”.
ويرى المؤلف أنَّ المشاعر تنقذ الرابط الاجتماعي، فهناك عدة أسباب تؤدي إلى سرعة اشتعال الإحساس الجماعي، ومنها الحاجة إلى توطيد الرابط الاجتماعي، فالنفس الجماعية على غرار النفس الفردية تحتاج إلى الحماس، لا سيما مع غياب التكافلات القديمة في العمل والجماعة، ورغم ندمه أحيانًا على اضمحلال الرابط الاجتماعي، فإن الإنسان المعاصر (ما بعد الحداثي) ليس مستعدًّا للقيام بتضحيات كبيرة من أجل علاجه، لأنه يفضل الحفاظ على خصوصياته الفردية، فالكثير من الأحداث التاريخية تكشف تداخل المشاعر والأخلاق، مثل موقف الناس من حادثة موت الأميرة ديانا، وشغف الناس لرؤية فيلم (تايتانك).
وقد أظهرت (كريستين لوسكانف) عالمة النفس أن الدماغ بحاجة إلى أن يعيش تحولات في نمط الحياة وتغيرات في الوعي بشكل دوري، لتغيير نمط عمل الذهن، وما ينطبق على الفرد ينطبق على الجماعة، فهي بحاجة إلى تحفيز أو حماس من وقت إلى آخر، للوصول إلى مشاعر عنيفة أو بالأحرى استثنائية.
الفكرة من كتاب عبادة المشاعر
إلى أي مدى تتحكَّم المشاعر في حياة الإنسان المعاصر؟ وإلى أي حدٍّ صارت المشاعر مقدَّسة وتتَّخذ شكلًا من أشكال العبادة؟!
سنتحدَّث في كتابنا هذا عن عصر المشاعر، تحديدًا عن ظاهرة “عبادة المشاعر”، ونحللها تحليلًا نفسيًّا فلسفيًّا، ونعرض قضية تفضيل الإنسان المعاصر مشاعرَ الصدمة، أو المشاعر المتهيِّجة، في مقابل مشاعر التأمل والخشوع، وتفضيل الإنسان المعاصر لحالة الصخب على حالة الهدوء التي فضَّلها الإنسان فيما سبق!
مؤلف كتاب عبادة المشاعر
ميشيل لكروا : فيلسوف وكاتب فرنسي مُعاصر، وُلِدَ في 14 ديسمبر عام 1946م، حاصل على دكتوراه دولة، وهو محاضر فخري في جامعة سيرجي بونتواز، ونال جائزة الفلسفة من الأكاديمية النفسية، وجائزة علم النفس عام 2009م عن بحثه “من أجل حياة أفضل”.
له العديد من المؤلَّفات، منها: “في آداب السلوك” الصادر في عام 1990م، والذي نال عنه جائزة الفلسفة من الأكاديمية الفرنسية، و”من أجل أخلاق كونيَّة” عام 1994م و”إيديولوجيا العصر الحديث”، و”أخلاق الأمان”.