المشاعر
المشاعر
ماذا يعني أحدهم حين يقول: أشعر بالألم أو بالحزن أو بالفرح؟ ما معنى يتملَّكني شعور ما؟ في الحقيقة أشارت العديد من الحقائق أن الشعور مرتبط باللمس، وأيضًا بالحركة، بل إن اللمس أحيانًا هو ترجمة لسيطرة الشعور على الإنسان، وقد وصف ذلك واحد من أهم مؤسسي النظرية المعاصرة براين ماسومي وقال: “عندما أفكر في جسدي وأتساءل عما يفعله ليكتسب هذا الاسم يبرُز أمران؛ الأول: أنه يتحرك والثاني أنه يشعر، وحقيقة الأمر أنه يفعل الأمرين في ذات الوقت، فالجسد يتحرَّك بينما يشعر، ويشعر بأنه يتحرك”، وقد تم ترميز المشاعر إلى انفعال أو كلمات، لأنها طرق تعبيرية عن مشاعرنا، لكن هل من الممكن أن تصبح هذه الطرق مخالفة لما يحدث بداخلنا؟ بشكلٍ آخر هل من الممكن أن يكذب شعورنا ويصدق السلوك أو الواقع من حولنا؟ فمثلًا إذا كنت حزينًا من الداخل لكن يبدو عليك السعادة في كلامك وتصرفاتك، هل هنا أنت تكذب على نفسك؟ في الحقيقة هناك عدة تفسيرات منها: أنك لا تفهم ما بداخلك أو لا تدرك ماهية مشاعرك حاليًّا، أو أنه في الغالب قد تفشل مشاعرك في التوافق مع انفعالاتك، وأيضًا أن جزءًا من عقلك يقوم بالتظاهر حتى يخفي جزءًا من الحقيقة عن النصف الآخر، أو أن مشاعرك وانفعالاتك الحالية مخالفة لموقفك فتظهر تبعًا لما يحدث.
لكن من المهم أن تدرك أن عليك إخراج مشاعرك والتعبير عنها، لأنك ستكون منزعجًا طوال الوقت، وتشعر بالخواء النفسي، لذا عليك أن تسعى للوعي بما تشعر، وأن تفهم انفعالاتك، وكما يقول الكاتب: “إن المقدرة على الشعور بالحزن وعلى تقبُّل الأسى والأسف واعتناقها، ومن ثم الإفصاح عنهما وتفصيلهما بحيث يتم إنتاج شيء جديد منهما يعدان علامة أصلية على الصحة النفسية، تصب في القاعدة الأساسية لكون المرء قادرًا على أن ينتسب ويتصل بشكل بنَّاء بالعالم”، ولأن المشاعر فاعلة وليست عامل استجابة تجد الكثير يتصنَّع الحزن أو السعادة، وهذا يشير لنا نحن البشر ألا نتجنَّب مشاعرنا، بل نتعمَّق معها ونتفهَّمها.
الفكرة من كتاب المشاعر
ما الفرق بين الحي والميت؟ وبين الإنسان والجماد؟ هل على الإنسان أن يسرد تفاصيل منطقية كبيرة كي يذكر الفرق بينه وبين أي (جماد) في العالم؟ الجماد -هذا الشيء- لا نهتم بإطعامه ولا بحزنه ولا حتى عما يفرحه ببساطة لأنه شيء، أي ليس له جسد وروح، والفارق المهم أنه ليس لديه مشاعر، فالإنسان البشري لديه جعبة كبيرة من المشاعر الإنسانية التي تفرِّقه عن بقية الأشياء في العالم، فالإنسان يفرح ويحزن ويجوع ويتألم ويريد ويمتنع، هذه المشاعر هي الفلسفة التي شغلت كثيرًا من علماء النفس حول ماهيتها، لذا في كتابنا هذا “المشاعر” يأخذنا فروش إلى فلسفته حول ماهية المشاعر، وبم نشعر، وكيف نشعر، وهل نحن بالفعل مُتصلون بمشاعرنا ونستطيع التعبير عنها؟
مؤلف كتاب المشاعر
ستيفن فروش: أستاذ علم النفس ورئيس قسم الدراسات النفسية والاجتماعية في جامعة بيركبيك بلندن، وعمل سابقًا استشاري علم نفس إكلينيكي، وهو مؤلف للعديد من الكتب والأوراق حول الدراسات النفسية والتحليل النفسي، بما في ذلك أحدثها “أولئك الذين سيأتون بعد: ما بعد الذاكرة”، و”الإقرار والتسامح”.
ولديه كتب عديدة، منها:
Critical Narrative Analysis in Psychology: A Guide to Practice
Hate and the ‘Jewish Science’: Anti-Semitism, Nazism and Psychoanalysis
معلومات عن المُترجم:
الدكتور عبد الله عسكر: أستاذ علم النفس والتحليل النفسي بكلية الآداب، جامعة الزقازيق، نشر أكثر من ثلاثين بحثًا في ميدان علم النفس الإكلينيكي والتحليل النفسي وأكثر من عشرة كتب متنوعة، وعمل استشاريًّا للصحة النفسية ورئيسًا لأقسام التأهيل بمستشفيات الأمل بالسعودية، وعضو لجنة علم النفس بالمجلس الأعلى للثقافة.