المسلم أخو المستعمر!
المسلم أخو المستعمر!
“ما أخشى على المسلمين إلا من المسلمين، ما أخشى من الأجانب كما أخشى من المسلمين” عبارة للملك سعود لم تكن خيالًا مستبعدًا وإنما واقع مرير عاشه المسلمون من إخوانهم بالفعل، فما تمكَّن الأجنبي المستعمر من فتح ما فتحه من بلاد المسلمين إلا وكان للمسلمين يدٌ في ذلك من تجسُّس أو دعاية أو تسهيل أو نحوها من الوسائل.
وتتعدَّد أعذار أولئك عند مواجهتهم بشناعة ما فعلوه من أنَّهم ما فعلوا ذلك إلا لاتقاء ظلم الأجنبي أو لعدم القدرة على مقاومته، أو أنهم ما اختاروا إلا أخف الضرر، دون شعور منهم بتأنيب الضمير أو إحساس بخيانة الدين والأمة، وتراهم مرتاحي البال مرفهين منعمين بعطايا الأجنبي المستعمر من جهة، ومن جهة أخرى لربما تراهم بجانبك في المسجد يؤدون الصلاة أو يتحلَّون بالتسبيح!
من جهة أخرى إذا عقدنا مقارنة بين المسلمين والنصارى في خدمة دينهم ونجدة إخوانهم في مسألة تنصير البربر مثلًا إذا دعا إليها الكاثوليكيون، فانظر ساعتها إلى مقدار الأموال التي ستستثمر في بناء الكنائس والملاجئ والمدارس، وما سُيصرف على المبشرين والرهبان، وانظر إلى الفترة الزمنية التي سيحدث فيها ذلك كله، هذا إن لم نذكر دخول البروتستانت في الصورة فإنَّك ستجد منهم ضعف الجهد والعُدَّة في فترة زمنية أقل! ماذا إن قيل للمسلمين إنَّ عليهم نجدة إخوانهم البربر بإرسال الشيوخ والدعاة وجمع الأموال لبناء المساجد والكتاتيب! لا يعوِّل الكاتب على ذلك كثيرًا استنادًا إلى التاريخ.
الفكرة من كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
إذا مرَّت على المسلمين أزمنة وأوقات أقرب ما تكون إلى الفوضى والفساد وأشد حاجةً إلى الإصلاح والنهضة، فقد مرت عليهم أيضًا أزمنة سادوا فيها الأمم، وقادوا الركب نحو العلم والنهضة والعمران، لكنهم عندما تخلَّوا عن الأخذ بأسباب النصر والتمكين وشحُّوا بأنفسهم وأموالهم عن نهضة الأمة وصلوا إلى ما وصلوا إليه.
عن المسلمين والغرب وأسباب التقدم والتخلف وعن أمم العالم قديمًا وحديثًا وعن قيمة اللغة والدين والثقافة في النهضة، يطرق الكاتب هذه الأبواب طرقًا عنيفًا متحسِّرًا وكاشفًا للحقائق استنهاضًا للهمم والعزائم.
مؤلف كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
شكيب أرسلان: كاتب وأديب ومفكر عربي لبناني، ولد في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1869 وتوفي في التاسع من ديسمبر عام 1946.
كان يُجيد اللغات العربية والتركية والفرنسية والألمانية، والتقى العديد من المفكرين والأدباء خلال سفراته العديدة مثل جمال الدين الأفغاني وأحمد شوقي. اشتُهِر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديبًا وشاعرًا بالإضافة إلى كونه سياسيًّا.
من أهم مؤلفاته:
عروة الاتحاد.
الحلل السندسية.
الارتسامات اللطاف.
تاريخ غزوات العرب.