المستوى الثالث للتكنولوجيا III
المستوى الثالث للتكنولوجيا III
يطلق عليه مستوى “النظم الكوكبية” فهو يؤثر في كل النظم الكوكبية الطبيعية والحيوية، ويصعب تحديد أي رابط بين التدخل البشري وما قد ينتج عنه من تداعيات على مستوى الكوكب، وهو مستوى بالغ التعقيد، ومتغيّر، ومتكيف باستمرار، وخارج قدرتنا على الاستشراف والتنبؤ، والتكنولوجيا الناتجة عنه موجة تحويل شديدة التأثير، وعمومًا لم يتعامل الأكاديميون مع هذا المستوى، لأنه أبعد من أي اختصاص معين، وأبعد من أي فكرة بينية معينة، فهو حالة احتمالية طارئة، وفي هذا المستوى تكون التكنولوجيا دائمًا مترابطة مع نظم كوكبية أخرى، بما في ذلك تكنولوجيات أخرى، والألعاب الجارية حاليًا من تقلبات في أسعار النفط، والوقود الحيوي، وتغيّر المناخ، وثقافة السيارات، والاقتصاد المعولم، تُفقد العالم توازنه، وتبدل تصورنا له، وتؤثر في توازن القوى السياسية الكبرى.
ومن أمثلة المستوى الثالث، السكة الحديدية، ففي أواسط القرن التاسع عشر، لم تكن سكة الحديد الآلات الأضخم فحسب، بل كانت الأكثر تأثيرًا من بين كل الآلات التي رآها البشر إلى ذلك التاريخ، فقد كانت قوة ماحقة اجتماعية – حضارية، محت العديد من الأشياء التي كان البشر يعتبرونها ركيزة أساسية، فالسكة الحديدية، هي شبكة تكنولوجية متكاملة، إذ كان من قبلها لكل مدينة نظام توقيت خاص بها، وبعد قدوم القطارات وحدت التوقيت في أغلب المدن، وجعلت الرحلة التي كانت تستغرق أيامًا تستغرق ساعات، وزادت السكك الحديدية من حجم العمليات الصناعية بشكلٍ ملحوظ، ومن ثم أدّت إلى إفقاد التوازن للنماذج المالية والإدارية، ولم تغيّر السكة الحديدية المؤسسات المجتمعية فقط، لكنها حولت المشهد الطبيعي للأراضي بشكل جذري ماديًّا ونفسيًّا.
لقد أعادت سكة الحديد تشكيل العلاقة بين نفسية الإنسان، وتصوراته، وبيئته الخارجية بشكل هائل وضغطت المكان بالزمان، وكشفت عن نفسها على أنها تكنولوجيا ما فوق الأنسنة، ولقد قامت السكة الحديدية بتدمير عالم في الوقت الذي صنعت فيه عالمًا جديدًا، فقد كانت محور التغيير الأهم ومن بعدها تقدمت التكنولوجيا بشكل سريع، فظهرت بعدها تكنولوجيا البخار، ثم الفولاذ، وهندسة الآلات الثقيلة، والكهرباء، وبعد ذلك السيارات والنفط والطيران، ثم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومع كل موجة من التقدّم تأتي تغييرات مزعجة وغير متوقعة.
الفكرة من كتاب حالة الآلة – الإنسان
يمر العرق البشري في القرن الواحد والعشرين، وكوكب الأرض عمومًا بمرحلة حرجة ستؤدّي إلى تغييرات هائلة في القريب العاجل، فنحن نعيش الآن في ما يعرف بـ “عصر الآلة – الإنسان” فلا نستطيع تحديد ما هو إنساني، وما هو آلة، وسط التشتُّت الكبير من التكنولوجيا التي تهدف إلى القضاء على كل ما هو إنساني.
وقد استعرض الكتاب مختلف تأثيرات المستجدات التكنولوجية المتراكمة في جميع مناحي الحياة، كما وضح التغييرات الجذرية المتوقعة في ظل هذه المرحلة الحرجة، وما إذا كنا سنستطيع التأقلم عليها، أم أن التكنولوجيا ستغطى علينا وتُعيد تشكيلنا، كما وضح الكاتب أن ما نعانيه الآن ليس جديدًا، بل هي حالة رافقت وتزامنت مع تطور الجنس البشري، منذ اكتشاف النار، مرورًا باختراع السكك الحديدية وحتى الآن، الفارق الوحيد هو الوتيرة السريعة التي تتقدّم بها التكنولوجيا من حولنا. لذا شدّوا الحزام واستعدّوا للانطلاق في هذه الرحلة.
مؤلف كتاب حالة الآلة – الإنسان
بردان ر. اللنبي : وُلد في عام 1950، وهو عالم ومحامٍ بيئي، يعمل أستاذًا للهندسة المدنية والبيئية والقانون في جامعة ولاية “أريزونا”، تخرج بامتياز مع مرتبة الشرف في جامعة “ييل” عام 1972، وحصل على الدكتوراه في القانون، وماجستير في الاقتصاد في جامعة “فيرجينيا”، كما حصل على ماجستير ودكتوراه في العلوم البيئية في جامعة “روتجرز”، وعمل محاميًا لمجلس الطيران المدني ولجنة الاتصالات الفيدرالية، فضلاً عن كونه مستشارًا استراتيجيًّا في قضايا الاتصالات الاقتصادية والتقنية.
ومن أهم أعماله :
Design for Environment.
Reconstructing earth Technology and environment in the age of humans.
دانيال سارويتز : وُلد عام 1955، وهو أستاذ العلوم والمجتمع بجامعة ولاية “أريزونا”، ويشغل منصب المدير المشارك لاتحاد العلوم والسياسة والنتائج (CSPO)، ويركز عمله على الكشف عن الروابط بين العلوم، والبحث العلمي، والنتائج الاجتماعية، حصل على دكتوراه في العلوم الجيولوجية في جامعة “كورنيل” عام 1986، وألَّف عددًا من المقالات العلمية والعامة حول تفاعلات العلوم، والتكنولوجيا والمجتمع، كما عمل في قضايا سياسة البحث والتطوير موظفًا في مجلس النواب الأمريكي.
ومن أهم أعماله :
Frontiers of illusion
Prediction: Science, Decision Making, and the Future of Nature.
معلومات عن المترجم:
حسن الشريف : حائز على دكتوراه في الهندسة النووية من جامعة “كاليفورنيا” في “بيركلي”، ويعمل مستشارًا لسِياسات العلم والتكنولوجيا في المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، ومحاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت، وفي الجامعة اللبنانية الأمريكية.