المسؤولية وعوامل أخرى
المسؤولية وعوامل أخرى
المسؤولية شعور متجذِّر في فطرة الإنسان مفطور عليها، وهذا الشعور ينمو ويتزايد معه نتيجة عوامل عديدة، كارتفاع المستوى التعليمي، والمكان الذي يعيش فيه، ومستوى الرفاهية التي يتمتع بها، كل ذلك مما يؤثر في شعوره بالمسؤولية تجاه نفسه وجسده وأولاده وربما وطنه وأمَّته أيضًا.
ما معنى الشعور بالمسؤولية أولًا؟
هو كما يقول الدكتور عبدالكريم بكار شعور المرء بأنه قادر على أن يُلزِم نفسه بإنجاز عمل أو وقوف موقف ما، ثم القدرة على الوفاء بذلك الالتزام بواسطة جهوده الخاصة، أي أن التزامك بقراءة هذا النص من شعورك بالمسؤولية تجاه نفسك، فلو أنك لم ترَ فيه نفعًا وإضافة لم تكن لتكمله، لكنك بذلت فيه جهدًا خاصًّا لتتمَّه، وهكذا قس على هذا التعريف ما تقوم به من أعمال مختلفة نابعة من شعورك بالمسؤولية.
من أين يأتي الشعور بالمسؤولية، أو الالتزام بعمل ما؟ من التصورات، فالتصورات تغذي المشاعر، والمشاعر تندفع بواسطة العزيمة والإرادة إلى سلوك فعلي والتزام حقيقي نابع من تصورات مسبقة، التربية أيضًا من العوامل المهمة التي تساعد على تنمية، بل بناء الشعور بالمسؤولية لأن هذا الإحساس إذا نما منذ الصغر مع الطفل فإنه يتحوَّل إلى عقيدة أو قناعة تُفعل بغير احتياج مسبق إلى تفكير أو إعداد بل تُفعل بطريقة لا إرادية، أيضًا كما قلنا فإن البيئة تؤثر في نمو الشعور بالمسؤولية، ففي البيئات المتقدمة ذات الفرص الكثيرة والتغيرات الكبيرة والمستمرة يزداد شعور الفرد بالمسؤولية، بخلاف البادية ذات النطاق والحيز الصغير الذي يكون المرء فيه مُراقبًا من قِبل المجتمع الذي يعيش فيه، بالتالي فإن الرقابة الذاتية تكون شبه منعدمة مما ينعكس على الشعور بالمسؤولية، في البادية أيضًا الخيارات محدودة، والفرص قليلة بالتالي فإن بعض القضايا كالتعليم مثلًا لا وزن لها في حيز المسؤولية بخلاف المدن المتحضِّرة التي يحتوي الحي الواحد فيها مدرسة أو اثنتين، وبالتالي يشعر الفرد بمسؤولية اختيار الأفضل لأبنائه وهكذا.
إن البيئة الخصبة لنمو الشعور بالمسؤولية هي بيئة الحرية والتخيير، أما بيئات القهر والإجبار والضغط فلا تنمو فيها المسؤولية، فالمسؤولية هي نتاج الحرية، وإذا تربى المرء في مثل هذا الوضع فإنه سيكون قادرًا على تحمل تبعات اختياراته وتحمل تكاليف المسؤوليات التي ستُلقَى على عاتقه.
الفكرة من كتاب هي.. هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا/ الجزء الثاني
نستكمل في هذا الكتاب ثلاثين سنَّة أخرى من السنن المتعلقة بالإنسان والمجتمعات، بما عوَّدنا عليه الدكتور عبد الكريم بكار من اللغة السهلة والمعاني الواضحة.
مؤلف كتاب هي.. هكذا: كيف نفهم الأشياء من حولنا/ الجزء الثاني
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: مؤلف وداعية إسلامي، له العديد من الإسهامات في المجال التربوي والفكري وشارك في العديد من الصحف والمجلات وفي تقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، إلى جانب إسهاماته الأدبية ودراساته الأكاديمية المتخصِّصة، ومن ذلك:
أثر القراءات السبع في تطوُّر التفكير اللغوي.
ابن عباس، مؤسس علوم العربية.
الصفوة من القواعد الإعرابية.