المسؤولية الفردية
المسؤولية الفردية
كما أوجزنا سابقًا، فإن غياب العدل من أهم أسباب تفاقم الخلافات، ومن صور غياب العدل: التعميم على حساب مقام المسؤولية الفردية في الإسلام، الذي يعدُّ الفرد مسؤولًا عن قوله واعتقاده أمام الناس في الدنيا وأمام الله في الآخرة بنفسه وليس تمثيلًا لجماعته أو قبيلته.
كذلك فرمي الناس بالظنون مخالفة لما جاء في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾، إضافةً إلى تتبُّع عورات الناس على عكس ما جاء في الحديث: “لا تتبع عورات المسلمين فإنك إن فعلت أفسدتهم، أو كدت تفسدهم”، فهذه من صور الظلم كذلك.
في المقابل من المهم تعلم التعايش مع النفس كما وصفه الحسن (رضي الله عنه): “خير الناس من وافق قوله فعله وصدق سريرته علانيته”، ولتحقيق ذلك يجب أن نبدأ بتحمُّل تبعات تصرُّفاتنا والتوقُّف عن إلقائها على المجتمع أو الأسرة، وأن يعظم لدينا الحرص على التعلم الذي ينفع النفس فندرس ونبحث ونفهم بهدوء على غير استعجال كما تربى الصحابة على عدم الانتصار للنفس أو الغضب، بل جعل أمورنا كلها لله.
ثم علينا كذلك التحلِّي بصور السلام مع النفس كما وصفها الكاتب، وهي: السلام مع المبادئ والقناعات بحيث يتوافق ظاهرك وباطنك، والسلام مع الفارق بين طموحك وما تقدر عليه، والسلام مع حقيقة أن العالم لم يجتمع يومًا على دعوة واحدة، والسلام مع الطبائع، فلا تتكلَّف ضد طبعك، والسلام مع القدر والتسليم والرضا بما كتب الله، والسلام في إيمان العقل بالغيبيات التي جاءت بها الرسل.
الفكرة من كتاب شكرًا أيها الأعداء
يقول حاتم الأصم: “معي ثلاث خصال بها أظهر على خصمي”، قالوا: “أي شيء هي؟”، قال: “أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن له إذا أخطأ، وأحفظ نفسي ألا تتجاهل عليه”، في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب بمقالاته العديدة ليناقش قضية الخصومة بين أفراد الأمة المسلمة.
هنا يشرح لنا سلمان العودة لماذا حدثت هذه الخلافات بين الأمة الواحدة وكيف تفاقمت بحيث أصبحنا في صراع دائم من النقد والرد، كذلك فهو يحدثنا عن كيفية الخروج من هذه الصراعات بمستوياتها المختلفة وكيفية الحفاظ على السلام مع النفس والتعايش والتصافي مع الآخرين على الرغم من الخلاف.
مؤلف كتاب شكرًا أيها الأعداء
سلمان العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرَّج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “بناتي”، كما قدَّم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.