المرأة والدين
المرأة والدين
إن المرأة لها طباع من السكينة والصدق والعاطفة ما يجعلها لو صلُحتْ كانت مثال الخير في الأرض، فهي مثل الكنز المخبوء في الأرض تحتاج إلى من ينفض الغبار من عليها، والدين هو الذي يكفل إصلاحها، فالمرأة إيمانها دائمًا بلا شك ودوافعها وثيقة لا تحتاج إلى التحرِّي مثل بعض الرجال أحيانًا.
ويقصُّ علينا الكاتب مثالًا لقوة إيمان وعقيدة فتاة، في صيف 1914 كان مُنتظرًا في محطة طنطا القطار القادم من مدينة إسكندرية ليصل به إلى القاهرة مع صديقه، ثم ظهر ضابط يبدو عليه الشدة وبصُحبته مساعد ما يقودان فتاة مراهقة ويعتلي وجهها الحزن وتحاول مُباعدة الرجُلين عنها، ومن خلفها يسير شيخٌ كبير في السن حزينًا.
حتى وصل القطار ووقف فصعدت الفتاة والرجلان والشيخ الكبير، وصعد هو وصديقه واتخذا مقعدين بجانب مقاعدهم، فسأل الكاتب الشيخ عن أمر الفتاة، فقال له الشيخ في حزنٍ شديد إنه رجل إسباني وهذه ابنته، وأنها اعتنقت الإسلام وحاول ردَّها لكنها أبت وتبعتها أختها الصغرى واعتنقت الإسلام، وغيرت اسمها من روز إلى فاطمة، ففزع أبوها واشتكى أمرها إلى سقيفة الكنيسة، وأرسل سقيفة الكنيسة أمرها إلى معتمدي الدولة الإسبانية فأرسلوا إلى مصر بأن تُرحَّل الفتاة إلى إسبانيا لكي تُحبس في دير حتى تستردَّ دينها مرة أخرى، ولم يستطع أبوها منعهم وغُلِب على أمره، فاقترب الكاتب من الفتاة وسألها عن أحوالها فبدا عليها الراحة ثم قصَّت عليه كيف أسلمت بأنه كان لهم جيران مسلمون فسمعت منهم أمر دينهم حتى نامت في يوم ورأت النبي (صلى الله عليه وسلم) يناديها باسم فاطمة، فاقترح عليها أن تدَّعِي أنها عادت إلى دينها القديم وتُسلِم في السر لكنها قالت له: “دون ذلك حزُّ الأعناق وتفصيل المفاصل، دعني فإنني إن أطعتُ نفسي عصاني لساني”، ووصلا إلى القاهرة ولم يعلم عنها شيئًا بعدها، (رحمها الله) كانت تملك قوة إيمان حتى لم يستطِع لسانها ادِّعاء الكُفر.
الفكرة من كتاب المرأة العربية في ظلال الإسلام
كانت المرأة في الجاهلية حقوقها منقوصة، وتتمثَّل في أنها رمز للعار وقتلها عِصمة من الذُّل، حتى جاء الإسلام ووهبها حقوقًا وواجباتٍ، وفك أسرها من العار الزائف الذي قُيِّدت به، فأصبحت في الإسلام المرأة المسلمة أمًّا لها دور عظيم وأخرجت من رَحِمَهَا قادة عظماء وعلماء، أصبحت عالمة وشاعرة وكاتبة، بل هي حجر الأساس الذي ينبني عليه المجتمع، ولطالما أبدعت في كثير من مجالات الدنيا والدين حين أخفق بعض الرجال، يأخذنا الكاتب عبد الله بن عفيفي هنا إلى التعرف إلى المرأة العربية وخِصالها وآثارها على مدار التاريخ الإسلامي.
مؤلف كتاب المرأة العربية في ظلال الإسلام
عبد الله بن عفيفي الباجوري: أديب وشاعر وكاتب، ولد في محافظة المنوفية بمصر، التحق بمدرسة دار العلوم وعمل معلمًا بمدرسة المنصورة الابتدائية، واتصل بالملكة نازلي (أم الملك فاروق)، وأهدى إليها كتابه “المرأة العربية”، فنقل محررًا عربيًّا بديوان الملك، ثم صار إمامًا للملك، وكان عضوًا ببعض المؤسسات الخيرية، منها: جماعة مساعدة فقراء مكة والمدينة، وكان رئيسًا لرابطة الأدب العربي، وعضو الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم بالمطرية.
له مؤلفات عديدة، ومنها:
المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (3 أجزاء).
تفسير سورة الفتح وبيان ما اتصل بها من الفتوح الإسلامية والسيرة النبوية (ثلاثة أجزاء).
منهج الأدب، مدرسي، (جزآن).
زهرات منثورة في الأدب العربي، محاضرات ألقاها في كلية الشريعة.