المرأة والخيانة
المرأة والخيانة
“لولا حواء لم تخن أنثى زوجها”، حديث صحيح مروي في الصحيحين يُشكل على البعضِ فهمه إذ يُستدل بهِ في غير موضعه، وقد أشكل على العلماء من قبلنا فأورده ابن الجوزي في كتابه “مشكِل الصحيحين”، وكي نفهم ما يُشكل علينا نستحضر نصوصًا أخرى، كقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “خيركم خيركم لأهله”، و”ورفقًا بالقوارير”، ونرى تطبيق هذه المعاني واضحًا في حياته (صلى الله عليه وسلم) مع زوجاته، فالإسلام كرَّم المرأة.
وكي نفهم الحديث علينا أن نفهم معنى الخيانة، فالمعنى المتبادر إلى الذهن هو الزنا، إلا أنه غير مقبول ولا معقول في حق أمنا حواء، فلم يكن هناك رجال غير آدم (عليه السلام) لتخونه، لذا فُسِّرت الخيانة هنا بمعنيين، الأول أنها زيَّنت له الأكل من الشجرة استنادًا إلى بعض الأحاديث الضعيفة والإسرائيليات، وظاهر القرآن يدل أنهما أكلا من الشجرة معًا بوسوسة إبليس وتزيينه، ولو ثبت الأمر فذلك أمر قدري إلهي لا تُعاب عليه، أما المعنى الثاني فأنها لم تنصحه بالابتعاد عن الشجرة ولم تذكِّره بأمر الله، والرجل يمر في حياته بابتلاءات، فإن كانت له زوجة ناصحة عاقلة قوَّت عزمه على الخير.
ولفظ الخيانة الذي يجري على ألسنة عوام الناس كأن تقول الواحدة لصديقتها “يا خائنة” لا يُقصد به المعنى الاصطلاحي (الزنا)، بل ربما أنها أخفت أمرًا عنها أو فعلت شيئًا بدونها، وهناك إشكال آخر قد يدور في الأذهان، وهو لمَ قيل “لولا حواء” هل هي السبب؟ والجواب أننا نرث بعض الصفات من أمهاتنا إما وراثة جينية أو نكتسبها لكثرة تكرارها أمامنا، وكمثال تشبه كل فتاة أمها في عاداتها في ترتيب البيت أو غيره، ولكن تلك الوراثة ليست قهرًا، والأمر نفسه عند الرجال، ففي الحديث «جحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته»، ولنتذكر أن المثالية هي سير في الاتجاه المعاكس لطبيعة النفس البشرية.
الفكرة من كتاب فتاة الضباب.. أحاديث المرأة: أين الخلل؟
يتناول هذا الكتاب مجموعة من الأحاديث النبوية المتعلقة بالمرأة، والتي يُشكَل فهمها عند كثير من الناس، فيناقشها ويحلِّلها بأسلوبٍ علمي متأدِّب، مقنعٍ ومطمئن، يجمع بين الحجة العلمية الرصينة وجوٍّ من الأُلفة واللطف تبثُّه المواقف والحوارات التي ترويها الباحثات.
مؤلف كتاب فتاة الضباب.. أحاديث المرأة: أين الخلل؟
مجموعة من الباحثات المتخصصات في مختلف أبواب الشريعة، انتُدبن واجتمعن ليكتبن هذا الكتاب من واقع علم وخبرة، ويجمعن فيه الأحاديث المشكِلة في قضايا المرأة ليعالجنها، بعد مناقشات في مجموعة “سنتي” التي يُشرف عليها الأستاذ الدكتور خالد بن منصور الدريس والذي اقترح عليهن إعداد الكتاب.
والباحثات هنَّ: الدكتورة أميرة بنت علي الصاعدي، والدكتورة إقبال بنت علي العنزي، وسميحة بنت عبد الله الحمادي، وجنة بنت إبراهيم الشرماني، والدكتورة شيخة بنت عبد الله المطوع، والدكتورة سندس بنت عادل العبيد، والدكتورة نعمات بنت محمد الجعفري، والدكتورة مها بنت منور المطيري، والدكتورة نورة بنت محمد العجمي، ونورة بنت يحيى الذكي، وهناء بنت عبد الله المطوع، والدكتورة وفاء بنت راشد الشبرمي، وهند بنت عبد الله المشرف.