المرأة الزوجة
المرأة الزوجة
لما ماتت امرأة ربيعة الفقيه دفنها ونفض يديه، ثم رجع إلى داره فحوقل واسترجع وبكت عيناه، ثم قال يخاطب نفسه: “الآن ماتت الدار أيضًا يا أبا خالد”، فإن البناء يحيا بروح المرأة التي تتحرَّك بداخله. والزواج من أعظم نعم الله على عباده، وهو طريق سهل ميسَّر لاكتساب الأجر والثواب والعلا، وهو حين يكون سعيدًا قائمًا على أسس صحيحة، يعدُّ قوة للأمة وتجديدًا لشبابها وتكثيرًا لأجيالها وفرصة للتعارف بين الأسر والعوائل والمدن والبلاد.
وعلى الرغم من أن النجاح والفشل في الحياة الزوجية قضية تختلف من إنسان إلى آخر، وعلى الرغم من أن الفشل والنجاح متقلِّبان في الحياة الزوجية، فثمة أمور يمكن اعتمادها كأصل في هذا السياق، وهي احترام المرأة لزوجها ومحافظتها على سمعته، وعدم إهمال الرجل لبيته وزوجته وأولاده لتحقيق رغباته الخاصة، فعلى الزوجين في النهاية العبور بزواجهما إلى بر الأمان، وأعلى درجات النجاح هي أن يكون النجاح في الدنيا والآخرة.
إن دستور الحياة الزوجية قائم على ثلاثة أسس رئيسة هي: الحوار والحب والتضحية ، فمشاكل الحب الزوجي ليست في الخلافات الحياتية العادية، بل تكمن في ثلاث نقاط هي: أولًا- عدم فهم كل طرف للآخر أو عدم القدرة على فهم النفس أحيانًا، ثانيًا- عدم القدرة على التكيف مع هذه الشراكة بين الزوجين، وأخيرًا- عدم الإخلاص لهذه العلاقة وعدم الاستماتة من الطرفين في ديمومتها وبقائها وإزالة وطرد كل ما يعكِّرها.
ومن الوسائل التي تعيِّن على الحب الدائم بين الزوجين: الحرص على تخصيص وقت للحوار بين الزوجين، وإشاعة روح التسامح والتغافل عن السلبيات، والتفاهم حول القضايا المشتركة، وتأمين المساعدة والدعم العاطفي عند الحاجة إلى ذلك، وتعوُّد استخدام الكلمات الطيبة والتصرفات الصغيرة المعبِّرة والتعبير المادي عن الحب، إضافةً إلى التقارب الجسدي والتجديد الدائم وحماية العلاقة من المؤثرات السلبية.
الفكرة من كتاب بناتي
في رسالة لإحدى بناته، يعبِّر سلمان العودة عن تفهُّمه لآثار الظروف المحبطة المحيطة والنماذج السيئة التي تصد عن سبيل الله، والفهم المؤدلج الذي ضيَّق سعة الدين وغيَّب المفهوم الإنساني للحياة وللدين معًا، لكنه مع ذلك يؤكد أن العنف الذي يمارس باسم الله سواء كان أسريًّا أو اجتماعيًّا أو دينيًّا هو عدوانية شخصانية تدَّعي التديُّن بينما الدين رحمة وسماحة.
من هذا المنطلق يوجِّه العودة كتاب “بناتي” إلى البنات في كل الأعمار، ويطمح أن يصل إليهن سالمًا من العيب والنقص، فيقدِّم لهن النصائح من خلاصة تجاربه وملاحظاته الشخصية، لكنه كذلك يناقش سؤالًا مجتمعيًّا مهمًّا، ألا وهو: إلى متى نظل نصنع المقدِّمات الجميلة عن حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام ثم نفشل في تطبيقاتها الميدانية اليومية الصغيرة في المنزل والمدرسة والسوق والمسجد؟
مؤلف كتاب بناتي
سلمان بن فهد العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “هموم فتاة ملتزمة “، كما قدم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.